للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا قولُكم: "قد حُكِمَ في حديث عُثَيْمِ بن كُلَيْب، عن أبيه، عن جده بأنه من رواية إبراهيم بن أبي يحيى".

فالشّافعيُّ كان حَسَنَ الظنِّ به، وغيرُه يضعِّفه، فحديثُه يصلح للاعتضاد بحيث يتقوَّى به، وإن لم يحتجَّ به وحده.

وكذلك الكلامُ في مُرْسَلِ الزُّهْرِيّ، فإذا لم يحتجَّ به وَحْدَهُ، فإنَّ هذه المرفوعاتِ والموقوفاتِ والمراسيلَ يشدُّ بعضها بعضًا.

وكذلك الكلامُ في حديث موسى بنِ إسماعيلَ وشبهه.

وأمَّا قولُكم: "إن ابن عبَّاس تفرَّد بقوله في الأقْلَفِ: لا تُؤكَلُ ذبيحتُه، ولا صلاةَ له".

فهذا قول صحابيٍّ، وقد احتجَّ الأئمةُ الأربعةُ وغيرهم بأقوال الصحابة، وصرَّحوا بأنها حُجَّة (١)، وبالغ الشّافعيُّ في ذلك، فجعل مخالفتَها (٢) بدعةً. كيف ولم يحفظ عن صحابيٍّ خلافُ ابنِ عبَّاس!

ومثل هذا التَّشديدُ والتَّغليظ لا يقولُه عالمٌ مثلُ ابنِ عبَّاسٍ في تَرْكِ مندوبٍ يُخيَّر الرجلُ بين فِعْله وتَرْكه.


(١) انظر: أصول السرخسي: ٢/ ١٠٥ وما بعدها، إعلام الموقعين عن رب العالمين للمصنف: ١/ ٢٩ وما بعدها، و ٤/ ١٢٠ ـ ١٦٥.
(٢) في "أ": مخالفها.

<<  <  ج: ص:  >  >>