للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويضمنُ سرايةَ غير المقدَّر كالتَّعْزيرِ والتَّأدِيبِ، لأنَّ التَّلَفَ بهِ دليلٌ على التَّجَاوُزِ والعُدوانِ (١).

وقال أبوحنيفةَ: لا يَضْمَنُ سِرَايَةَ الواجبِ خاصّةً، ويضمنُ سِرايةَ المقَدَّرِ (٢)، لأنَّه إنما أُبِيحَ لَهُ الاسْتِيفَاءُ بشرط السلامة (٣).

والسنَّةُ الصحيحةُ تخالف هذا القول.

وإن كان الخاتنُ عارفًا بالصِّناعَةِ، وختَنَ المولودَ في الزَّمنِ الذي يختتنُ في مِثْلِهِ، وأعْطَى الصِّناعَةَ حقَّهَا، لم يَضْمَنْ سِرَايَةَ الجَرْحِ اتفاقًا، كما لو مَرِضَ المختونُ من ذلك وماتَ، فإنْ أذِنَ له أن يختِنَهُ في زَمَنِ حرٍّ مُفْرِط أو بَرْدٍ مُفْرِطٍ، أو حالِ ضعفٍ يُخَاف عليه منه، فإنْ كان بالغًا عاقلًا لم يضمَنْه، لأنه أَسقطَ حقَّه بالإذْنِ فيه، وإنْ كانَ صغيرًا ضَمِنَه، لأنه لا يُعْتبرُ إذنُهُ شرعًا، وإن أَذِن فيه وليُّه، فهو موضعُ نظرٍ، هل يجب الضمانُ على الوليِّ أو على الخاتنِ؟


(١) انظر: نهاية المطلب للجويني: ١٧/ ٣٥٦، والحاوي الكبير للماوردي: ١٣/ ٤٣٤.
(٢) في (أ، ج): القَوَد.
(٣) قال البغدادي في «مجمع الضمانات» ١/ ١٤٥ ـ ١٤٦: الفصَّاد والحجَّام والختَّان لا يضمنون بسراية فعلهم إلى الهلاك إذا لم يجاوز الموضع المعتاد المعهود المأذون فيه. ولو شرط عليهم العمل السليم عن السِّراية بطل الشرط؛ إذْ ليس في وسعهم ذلك. هذا إذا فعلوا فعلاً معتادًا ولم يقصِّروا في ذلك العمل ... أما لو فعلوا بخلاف ذلك: ضَمِنُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>