للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويتخرَّج فيه وجه آخر: أنَّه يرجع بما غرمه على من غرَّه.

وأمَّا إن كان الإفساد بعد الدُّخول بإرضاع أو غيره؛ ففيه وجهان:

أحدهما: أنَّ على المفسِد ضمانَ المهر المستقرِّ على الزَّوج، وهو منصوص أحمد في رواية ابن القاسم (١)؛ بناء على أنَّ خروج البضع متقوَّم، وكما يضمن الغارُّ المهر لمن غرَّه؛ وإن استقرَّ بالدُّخول، بل هنا أولى؛ لأنَّ المغرور قد يكون فسخ النِّكاح باختياره، كما إذا دُلِّس عليه عيب ونحوه؛ حيث لم يرض بالمهر إلَّا مع السَّلامة من العيوب، وهنا الفسخ بسبب الأجنبيِّ؛ فإنَّه هو المانع للزَّوج من الاستمتاع؛ فكان الرُّجوع عليه بالمهر أولى؛ إذ الزَّوج يجب تمكينه من جنس الاستمتاع، ويعود إليه المهر بمنعه من جنسه إذ لم يكن ما يستحقُّه مقدَّراً، بخلاف منفعة الإجارة؛ فإنَّها تتقسَّط على المدَّة، مع أنَّ الإجارة تسقط فيها الأجرة عندنا بمنع المؤْجِر من التَّسليم المستحَقِّ بالعقد كلِّه.

والوجه الثَّاني: أنَّه لا ضمان على المفسد بحال؛ لاستقرار المهر على الزَّوج بالوطء؛ بناء على أنَّ خروجه غير متقوَّم، وإليه ميل ابن أبي موسى، واختاره طائفة من المتأخِّرين.

وأمَّا إن كان المفسِدُ للنِّكاح هو الزَّوجةَ وحدها، بالرَّضاع أو غيره؛ فقال الأصحاب: لا ضمان عليها بغير خلاف؛ لئلَّا يلزم استباحة بضعها بغير عوض.

واختار الشَّيخ تقيُّ الدِّين أنَّ عليها الضَّمان (٢)، وأخذه من مسألة


(١) ينظر: المحرر (٢/ ١١٣).
(٢) ينظر: الفروع (٩/ ٢٨٥)، الاختيارات الفقهية (ص ٣٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>