وإنَّ لنا وجهاً آخر: أنَّه يسقط المهر إذا قلنا: هو فسخ؛ فإنه يكون منسوباً إليهما، فيكون كالتَّلاعن، بخلاف ما إذا قلنا: إنَّه طلاق؛ فإنَّ (١) الطَّلاق يستقلُّ به الزَّوج؛ فهو كما لو قال لها ابتداء: أنت طالق بألف، فقبلته.
ويتخرَّج لنا وجه آخر: أنَّه يسقط به المهر - وإن قلنا: هو طلاق -؛ بناء على أنَّه جاء من قِبَلِها بسؤالها، ولهذا كان لنا فيمن خالعت زوجها في مرضه؛ هل ترثه؟ روايتان، وجزم ابن أبي موسى: بأنَّها لا ترثه؛ لأنَّ الفرقة جاءت من قِبَلِها، فلا يكون لها شيء من الصَّداق حينئذ.
يؤيِّد هذا: أنَّ الخلع يُسقِط حقوق الزَّوجيَّة كلَّها في إحدى الرِّوايتين عن أحمد، ونصف المهر من الحقوق؛ فيسقط على هذه الرِّواية.
القسم الخامس: ما كان من جهة الزَّوجة مع أجنبيٍّ، وله صور:
منها: شراؤها للزَّوج، وفيه وجهان:
أشهرهما -وهو اختيار أبي بكر والقاضي وأصحابه-: أنَّه يتنصَّف بها المهر؛ تغليباً لجهة الأجنبيِّ هنا، وهو البائع؛ إذ هو أصل العقد، ومنه نشأ، وعنه تُلُقِّي.
والثَّاني: يسقط المهر؛ تغليباً لجهة الزَّوجة؛ إذ الانفساخ متعقِّب لقبولها.
فأمّا شراء الزَّوج لزوجته، فهل يتنصَّف به المهر أو يسقط؟ على وجهين أيضاً، واختيار أبي بكر: أنَّه يسقط؛ تغليباً لجهة البائع هنا