وإن ارتدَّ بعد الحول؛ لم يسقط عنه، إلَّا إذا عاد إلى الإسلام وقلنا: إنَّ المرتدَّ لا يلزمه قضاء ما تركه قبل الرِّدَّة من الواجبات، والصَّحيح من المذهب خلافه.
ومنها: لو ارتدَّ المعسر، ثمَّ أيسر في زمن الرِّدَّة، ثمَّ عاد إلى الإسلام وقد أعسر:
فإن قلنا: إنَّ ملكه يزول بالرِّدَّة؛ لم يلزمه الحجُّ باليسار السَّابق.
وإن قلنا: لا يزول ملكه؛ فهل يلزمه الحجُّ بذلك اليسار؟ ينبني على وجوب العبادات عليه في حال الرِّدَّة، وإلزامه قضاءها بعد عوده إلى الإسلام، والصَّحيح: عدم الوجوب؛ فلا يكون بذلك مستطيعاً.
ومنها: حكم تصرُّفاته بالمعاوضات والتَّبرُّعات وغيرها:
فإن قلنا: لا يزول ملكه بحال، فهي صحيحة نافذة.
وإن قلنا: يزول بموته؛ أُقِرَّ المال بيده في حياته، ونُفِّذت معاوضاته، ووُقِفَت تبرُّعاته المنجزة والمعلَّقة بالموت، فإذا مات؛ رُدَّت كلُّها وإن لم تبلغ الثُّلث؛ لأنَّ حكم الرِّدَّة حكم المرض المَخُوفِ، وإنَّما لم تنفذ من ثلثه؛ لأنَّ ماله يصير فيئاً بموته مرتدًّا.
وإن قلنا: يزول ملكه في الحال؛ جُعِل في بيت المال، ولم يصحَّ تصرُّفه فيه بحال، لكن إن أسلم؛ رُدَّ إليه ملكاً جديداً.
وإن قلنا: هو موقوف مراعًى؛ حفظ الحاكم ماله ووقفت تصرُّفاته كلُّها، فإن أسلم؛ أمضيت، وإلَّا تبيَّنا فسادها.