للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي المسألة وجهان:

أحدهما: وهو ما قال القاضي في «المجرَّد» إنَّه قياس المذهب: أنَّه لا ينفسخ؛ لأنَّ الثَّاني لا حقَّ له في العين إلَّا بعده؛ فهو كالوارث.

والثَّاني: وهو المذهب الصَّحيح، وبه جزم القاضي في «خلافه»، وقال: (إنَّه ظاهر كلام أحمد)، وابنه أبو الحسين، وحكياه عن أبي إسحاق ابن شاقْلَا، واختاره ابن عقيل وغيره: أنه ينفسخ؛ لأنَّ الطَّبقة (١) الثَّانية تستحقُّ العين بجميع منافعها تلقِّياً عن الواقف بانقراض الطَّبقة الأولى؛ فلا حقَّ للأولى فيه بعد انقراضهم، بخلاف الورثة؛ فإنَّهم لا يتلقَّون عن موروثهم إلَّا ما خلَّفه في ملكه من الأموال، ولم يخلِّف هذه المنافع (٢)، وحقُّ المالك لم ينقطع عن ميراثه بالكليَّة، بل آثاره باقية، ولهذا تُقضَى ديونه وتنفذ وصاياه من التَّركة، وهي ملكه على قولٍ إلى أن يُقضى دينه؛ فكيف يُتعرض عليه في تصرفاته بنفسه (٣)؟!


(١) كتب على هامش (ن): (فيه إشعار بأن القول بالانفساخ من فوائد الخلاف من أن الطبقة الثانية هل تتلقى الوقف عن الواقف أو عن الطبقة الأولى؟ والصحيح عن الواقف).
(٢) كتب على هامش (ن): (يعني: التي ملكها المستأجر بالإجارة من مورثهم مدة التآجر).
(٣) قال ابن نصر الله رحمه الله: قد يقال: إجارة البطن الأول إنما كانت بمقتضى ولاية النظر له شرعاً؛ لأن الوقف إذا لم يعيِّن الواقف له ناظراً؛ كان نظره لمستحقه، وإذا ثبت أن إيجاره بمقتضى ولاية النظر صار حكمه حكم الناظر فلا تنفسخ الإجارة بموته وانتقال الاستحقاق إلى البطن الثاني، وهذا ظاهر، وقد يجاب عن ذلك: بأن نظر المستحق بسبب استحقاقه فيتقدر بقدره، ولهذا لو كان المستحق جماعة كان النظر لكلهم بقدر استحقاقهم، وقضية ذلك أن يختص نظره بمدة استحقاقه، لا بما زاد عليها. وكتب على ذلك: (وهذا الجواب الذي ذكره هو الصحيح من المذهب).

<<  <  ج: ص:  >  >>