للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبنى بعض الأصحاب المسألة على أصل آخر، وهو أنَّ النَّزع هل هو جزء من الجماع أو ليس من الجماع؟ وحكوا في المسألة روايتين.

واختار الشَّيخ تقيُّ الدِّين (١): أنَّه لا يفطر بالنزَّع في هذه الحال، ولا بالأكل ولا غيره؛ بناءً على أنَّه إنَّما يتعلق به حكم وجوب الإمساك عن المفطرات بعد العلم بطلوع الفجر؛ فلا يكون الواقع منها في حالة الطُّلوع محرَّماً البتَّة، كما قلنا في محظورات الإحرام: إنَّها إنَّما تثبت بعد التَّلبُّس به.

وقد روي عن أحمد ما يدلُّ على ذلك، فإنَّه قال: إذا شكَّ في طلوع الفجر؛ فإنَّه يأكل حتَّى لا يشكَّ أنَّه طلع (٢)، وفي المسألة أحاديث وآثار كثيرة تدلُّ على ذلك، والله أعلم (٣).


(١) ينظر: مجموع الفتاوى (١٦/ ٢٢)، (٢٥/ ٢٦٣).
(٢) جاء في مسائل أبي داود (ص ١٣٤): (سمعت أحمد سئل عمن شك في الفجر؟ قال: يأكل حتى يستيقن).
(٣) فمن الأحاديث: ما أخرجه أحمد (١٠٦٢٩)، وأبو داود (٢٣٥٠)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده؛ فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه»، وزاد في روايةٍ عند أحمد: «وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر»، وهي من قول عمار بن أبي عمار كما ذكر ابن حزم، وقد ذكر ابن حزم أن الحديث محمول على أنه لم يكن يتبين لهم الفجر بعد. ينظر: المحلى ٤/ ٣٧٠.

ومن الآثار: ما أخرجه عبد الرزاق (٧٣٦٥)، وابن أبي شيبة (٩٠٥٨)، عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: «إذا نظر رجلان إلى الفجر، فشك أحدهما؛ فليأكلا حتى يتبين لهما»، وما أخرجه عبد الرزاق (٧٣٦٧)، وابن أبي شيبة (٩٠٦٧)، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «أحل الله لك الشراب ما شككت حتى لا تشك»، وأخرجا أيضًا عن غيرهما من الصحابة والتابعين بنحو ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>