والمذهب ههنا الصِّحَّة بلا ريب؛ لأنَّ أصحابنا اختلفوا فيما إذا وُهِب (١) المغصوب من غاصبه وأقبضه إيَّاه، هل يبرأ به أم لا؟ وحكى ابن أبي موسى فيه روايتين، والمشهور: أنَّه لا يبرأ، نص عليه أحمد معلِّلاً أنَّه يحمل منَّته، وربَّما كافأه على ذلك.
واختار القاضي في «خلافه» وصاحب «المغني»: أنه يبرأ؛ لأن المالك تَسلَّمه تسلُّماً تامًّا وعادت سلطنته إليه، فبرئ الغاصب، بخلاف ما إذا قدَّمه إليه فأكله؛ فإنَّه أباحه إياه، ولم يُملِّكه إيَّاه، فلم يعد إلى سلطنته وتصرُّفه، ولهذا لم يكن له التَّصرُّف فيه بالبيع والهبة، وهذا اتِّفاقٌ من أحمد وأصحابه على أنَّ تصرُّفات المالك تعود إليه بعود ملكه على طريق الهبة من الغاصب، وهو لا يعلم بالحال.