والآخر: يُمنع المطالبة هنا وجهاً واحداً، وهو اختيار ابن عقيل؛ لأنَّه صار معه تبرعاً؛ فلا يملك المطالبة بزيادة عليه؛ لئلَّا تجتمع له المطالبة بالثَّمن وبعض الثَّمن، بخلاف ما إذا ردَّه، فإنَّه لا يجتمع له ذلك.
ومنها: لو تقايلا العين بعد هبة ثمنها أو الإبراء منه.
ومنها: لو أصدق زوجته عيناً، فوهبتها منه، ثمَّ طلقها قبل الدُّخول؛ فهل يرجع عليها ببدل نصفها؟ على روايتين.
فإن قلنا: يرجع؛ فهل يرجع إذا كان الصداق ديناً فأبرأته منه؟ على وجهين، أصحُّهما: لا يرجع؛ لأنَّ ملكه لم يَزُل عنه (١).
ومنها: لو كاتب عبده، ثمَّ أبرأه من دين الكتابة وعَتَق؛ فهل يستحقُّ المكاتب الرُّجوع عليه بما كان له عليه من الإيتاء الواجب أم لا؟ من الأصحاب من خرَّجها على الخلاف، وضعَّف صاحب «المغني» ذلك؛ لأنَّ إسقاطه عنه يقوم مقام إيتائه، ولهذا لو أسقط عنه القدر الواجب إيتاؤه واستوفى الباقي؛ لم يلزمه أن يؤتيه شيئاً.
وأيضاً؛ فالسَّيد أسقط عن المكاتب ما وجد سبب إيتائه إيَّاه؛ فقام مقام الإيتاء، بخلاف إسقاط المرأة الصَّداق قبل الطلاق.
ومنها: لو شهد شاهدان بمالٍ لزيد على عمرو، ثمَّ رجعا وقد قبضه
(١) كتب على هامش (ن): (ومن فروعها: لو أبرأت الزَّوجة زوجها من كسوة سنة في أوَّلها، ثمَّ أبانها في أثناء السَّنة، فهل يرجع عليها بقسط ما بقي من السَّنة؟ يتخرَّج فيها كما لو أبرأته من صداقها، ثمَّ طلَّقها قبل الدُّخول).