ويشبه هذا؛ قولنا في الوصيِّ الفاسق إذا قسَّم الوصيَّة، فإن أعطى الحقوق لمستحِقٍّ معيَّن يصحُّ قبضه؛ لم يضمنه؛ لأنَّه يجب إيصاله إليه وقد حصل، وإن كان لغير معيَّن؛ فوجهان.
ومنها: الحكم بإسلام من اتُّهم بالرِّدَّة إذا أنكر وأقرَّ بالشهادتين؛ فإنَّه حكم صحيح، وإن حصل التردد في مستنده؛ هل هو الإسلام المستمر على ما يدَّعيه، أو الإسلام المجدَّد على تقدير صحَّة ما اتُّهم به؟
وقد قال الخرقي: ومن شُهد عليه بالرِّدَّة، فقال: ما كفرت، فإن شَهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله؛ لم يكشف عن شيء، قال في «المغني»: (لأنَّ هذا يثبت به إسلام الكافر الأصلي؛ فكذلك المرتد)، قال:(ولا حاجة في ثبوت إسلامه إلى الكشف عن صحَّة ردَّته).
ونقل محمَّد بن الحكم عن أحمد فيمن أسلم من أهل الكتاب ثمَّ ارتدَّ، فشهد قوم عدول أنَّه تنصَّر أو تهوَّد، وقال هو: لم أفعل، أنا مسلم، قال: أقبل قوله، ولا أقبل شهادتهم. وذكر كلاماً معناه أنَّ إنكاره أقوى من الشُّهود (١).
(١) جاء في أحكام أهل الملل والردة للخلال (ص ٤٢٣): عن بكر بن محمد بن الحكم، عن أبيه، عن أبي عبد الله، وسمعه يقول: لو أن نصرانيًّا أو يهوديًّا أسلم، ثم تهود أو تنصر، فشهد قوم عدول أنه قد تنصر أو تهود، وقال هو: إني لم أفعل، أنا مسلم. قال: (أقبل بقوله، ولا أقبل شهادتهم). قال أبي: أريد أن أستتيبه وهو أكبر عندي من الشهود!.