للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلنا: إنما منعنا من عود الحقِّ القديم المتضمِّن ملك الانتفاع قهراً، سواء كان محتاجاً إليه أو لم يكن، وأمَّا التمكين من الوضع للارتفاق؛ فتلك مسألة أخرى، وأكثر الأصحاب يشترطون فيها (١) الحاجة.

والتزم ابن عقيل في «المفردات» تخريج رواية من هذه المسألة بمنع الجار من وضع الخشب مطلقاً، ثمَّ اعتذر بأن حقَّ الوضع هنا سقط عقوبة لامتناعه من النَّفقة الواجبة، وحمل حديث الزُّبير وشريكِه في شِرَاج الحرَّة (٢) على مثل ذلك.

ومنها: إذا انهدم السَّقف الَّذي بين سفل أحدهما وعُلْو الآخر؛ فذكر الأصحاب في الإجبار الرِّوايتين، والمنصوص ههنا: أنَّه إن تكسَّر خشبه؛ فبناؤه بينهما؛ لأنَّ المنفعة لهما جميعاً، وظاهره الإجبار.

وإن انهدم السقف والحيطان؛ لم يجبر صاحب العلوِ على بناء الحيطان؛ لأنَّها خاصُّ ملك صاحب السُّفل، ولكنَّه يجبر على أن يبني معه السقف، فإن لم يفعل؛ أشهد عليه، ومنعه من الانتفاع به حتى


(١) في (أ): فيه.
(٢) يشير إلى ما أخرجه البخاري (٢٣٥٩) ومسلم (٢٣٥٧) عن عروة، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: أن رجلًا من الأنصار خاصم الزبير عند النبي صلى الله عليه وسلم في شراج الحَرَّة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر. فأبى عليه، فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير: «اسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك»، فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك؟! فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: «اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر»، فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}.

<<  <  ج: ص:  >  >>