للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا مخالف لمدلول هذه النُّصوص على ما لا يخفى، وكونه لم يحصل منه إذن لا ينفي كون الغراس محترماً، كما نقول فيمن حمل السَّيلُ إلى أرضه نَوًى، فنبت شجراً: إنَّه كغراس المستعير على أحد الوجهين، لا يقلع مجَّاناً؛ لعدم التَّعدي في غرسه، وهو اختياره؛ أعني: القاضي، وأقرَّها القاضي في موضع آخر من «خلافه» رواية، وكذلك صاحب «المحرر».

ولكن الَّذي ذكره ابن أبي موسى والقاضي في «المجرد» وتبعه عليه المتأخرون: أنَّ للمالك قلعه مجاناً، ويرجع المشتري بالنَّقص على من غرَّه.

والصَّحيح الأوَّل، ولا يثبت عن أحمد سواه، وهو قول اللَّيث ومالك وأبي عبيد، وبه قضى عمر بن الخطاب (١) وعمر بن عبد العزيز (٢)


(١) يشير إلى ما أخرجه أبو عبيد في الأموال (ص ٣٦٦): عن معمر، عن ابن أبي نجيح - قال أبو عبيد: أحسبه - عن عمرو بن شعيب: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع أقوامًا أرضًا، فجاء آخرون في زمن عمر فأحيوها، فقال لهم عمر حين فزعوا إليه: «تركتموهم يعملون ويأكلون، ثم جئتم تغيرون عليهم! لولا أنها قطيعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطيتكم شيئًا»، ثم قومها عامرة، وقومها غامرة، ثم قال لأهل الأصل: «إن شئتم فردوا عليهم ما بين ذلك، وخذوا أرضكم، وإن شئتم ردوا عليهم ثمن أديم الأرض، ثم هي لهم»، قال: قال معمر: ولم أعلم أنهم علموا أنها لقوم حين عمروها».
(٢) يشير إلى ما أخرجه أبو عبيد في الأموال (ص ٣٦٧): عن سليمان بن داود الخولاني، أن عمر بن عبد العزيز كان يقضي في الرجل إذا أخذ الأرض، فعمرها وأصلحها، ثم جاء صاحبها يطلبها، أنه يقول لصاحب الأرض: «ادفع إلى هذا ما أصلح فيها، فإنما عمل لك»، فإن قال: لا أقدر على ذلك، قال للآخر: «ادفع إليه ثمن أرضه».

<<  <  ج: ص:  >  >>