للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك لو كان له مولىً معتِق؛ لورثه في هذه الحال، ولم يلتفت إلى هذا المجهول.

ولنا رواية أخرى: أنَّه ينتقل إلى بيت المال إرثاً لهذا المعنى، فإن أريد أنَّ اشتباه الوارث بغيره يوجب الحكم بالإرث للكلِّ؛ فهو مخالف لقواعد المذهب، وإن أريد أنَّه إرث في الباطن لمعيَّن؛ فيحفظ ميراثه في بيت المال، ثمَّ يصرف في المصالح للجهل بمستحقِّه عيناً، فهو والأوَّل بمعنًى واحد.

وينبني على ذلك مسألة اقتصاص الإمام ممن قتل من لا وارث له، وفي المسألة وجهان:

منهم من بناهما على أنَّ بيت المال هل هو وارث أو لا؟

ومنهم من قال: لا ينبني على ذلك، ثمَّ لهم طريقان:

أحدهما: أنَّه لا يقتصُّ ولو قلنا بأنَّه وارث؛ لأنَّ في المسلمين الصَّبيَّ والمجنون والغائب، وهي طريقة أبي الخطاب.

والثَّاني: يجوز الاقتصاص وإن قلنا: ليس بوارث؛ لأنَّ ولاية الإمام ونظره في المصالح قائم مقام الوارث، وهو مأخذ ابن الزَّاغوني.

ومنها: إذا اشتبهت أخته بنساء أهل مصر؛ جاز له الإقدام على النِّكاح من نسائه، ولا يحتاج إلى التَّحرِّي في ذلك على أصحِّ الوجهين.

وكذلك لو اشتبهت ميتة بلحم أهل مصر أو قرية، أو اشتبه حرام قليل بمباح كثير ونحو ذلك (١)؛ إلَّا أن يكثر الحرام ويغلب؛ فتخرج


(١) كتب على هامش (ن): (ومن ذلك: اشتباه إناء نجس بآنية أهل قرية، أو بأوان كثيرة طاهرة، فإنَّ كلام المصنِّف يشمله، وأطلق الأصحاب حكم ذلك، وتعليلهم يدلُّ على أنَّ مرادهم بكثرة المياه الطَّاهر والثِّياب الطَّاهرة ما لم تبلغ كثرتها إلى حدٍّ يشقُّ اعتباره، كما صرَّحوا به في الثِّياب على قول ابن عقيل في محلِّ الخلاف، وهو الكثرة الَّتي لا يشقُّ معها تكرار الصَّلاة، فأمَّا إذا كانت الكثرة يشقُّ معها ذلك؛ ألحقت المسألة بهذه القاعدة بطريق الأولى، بل لا يتوَّجه فيه خلاف حينئذٍ).

<<  <  ج: ص:  >  >>