أحدهما: يجوز ذلك، قاله القاضي في «المجرَّد»؛ توزيعاً للمفرد على المفرد؛ فيكون كلُّ واحد منهما أميناً على نصفه، وصرَّح القاضي بذلك.
وعلى هذا: فلو دفع أحدهما النِّصف المقسوم الَّذي بيده إلى الآخر، فتلف في يده؛ فهل يضمنه؟ على احتمالين ذكرهما القاضي؛ لأنَّه انفرد به بعد القسمة، بخلاف ما إذا سلَّم الكلَّ قبل القسمة؛ فإنه لا يضمن، كذا قال القاضي.
وقال مرَّة أخرى: يضمن نصفه أيضاً.
والثَّاني: لا يجوز اقتسامه، بل يتعيَّن حفظه كلّه (١) على كلِّ واحد منهما مجتمعين، وهو قول القاضي في «خلافه»، وابن عقيل، وصاحبي «المغني» و «التَّلخيص»؛ لأنَّ المتراهنين إنَّما رضيا بحفظهما جميعاً؛ فلا يجوز لهما الانفراد؛ كالوصِيَّيْن والوكيلين في البيع.
وعلى هذا نخرِّج الوديعة لاثنين، والوصيَّة بالنِّسبة إلى الحفظ خاصَّة دون التَّصرُّف؛ فإنَّه لا يستقلُّ أحدهما بشيء منه.
وقد روي عن أحمد ما يدلُّ على جواز انفراد كلِّ واحد منهما بنصف التَّصرُّف، فنقل عنه حرب فيمن قال لرجلين: تصدَّقا عنِّي بألفي درهم من ثلثِي، فأخذ كلُّ واحد ألفاً فتصدَّق بها على حدة؛ ليكون أسهل عليهما؛ فلم ير به بأساً.
وهذا قد يختصُّ بالصَّدقة؛ لحصول المقصود منها بالانفراد،