للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إحداها - وهو الَّذي جزم به أوَّلاً -: أنَّه يجزئه؛ لأنَّه ملَّكهم التَّصرف فيه والانتفاع به قبل القسمة، كما لو دفع دين غرمائه بينهم.

والثَّاني - وحكاه عن ابن حامد -: يجزئه وإن لم يقل بالسَّويَّة؛ لأنَّ قوله: خذوها عن كفَّارتي؛ يقتضي التَّسوية؛ لأنَّ ذلك حكمها.

والثَّالث - وحكاه عن القاضي -: أنَّه إن علم أنَّه وصل إلى كلِّ واحد قدر حقِّه؛ أجزأ، وإلَّا لم يجزئ.

هذا ما ذكره، وأصل ذلك ما قال القاضي في «المجرَّد»: إذا أفرد ستِّين مدًّا، وقال لستِّين مسكيناً: خذوها، فأخذوها، أو قال: كلوها، ولم يقل بالسَّويَّة، أو قال: قد ملَّكتكموها بالسَّويَّة، فأخذوها؛ فقال شيخنا أبو عبد الله (١): يجزئه؛ لأنَّ قوله خذوها عن كفَّارتي يقتضي التَّسوية؛ لأنَّ حكم الكفَّارة أن تكون بينهم بالسَّويَّة، فإن عرف أنَّها وصلت إليهم بالسَّويَّة؛ أجزأه، وإن علم التَّفاضل؛ فمن حصل معه الفضل؛ فقد أخذ زيادة، ومن أخذ أقلَّ؛ كان عليه أن يكمله، وإن لم يعلم كيف وصل إليهم؛ لم يجزئه، وعليه استئنافها؛ لأنَّه لم يعلم قدر ما وصل إلى كلِّ واحد منهم بعينه. انتهى.

فحكى الكلَّ عن ابن حامد، وصاحب «المغني» جعل الإجزاء مطلقاً قول ابن حامد، واعتبار الوصول قول القاضي، وليس كذلك.

وكذلك استشكل الشَّيخ مجد الدِّين ما وقع في «المجرَّد»، وقال: (لعلَّه وقع غلط في النُّسخة)، وليس كذلك أيضاً (٢)؛ فإنِّي نقلت ما ذكرته


(١) يعني: الحسن بن حامد شيخ القاضي.
(٢) قوله: (أيضاً) سقط من (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>