فلا يبعد ما فى الإحياء وغيره من النظر لما يترتب (إلا الطار) وفى المغشى من الجهتين خلاف
ــ
قال ابن عرفة إمامة أبى بكر الخطيب وعدالته ثابتة، إلى أن قال: وقد قال بالإباحة جماعة قال القشيرى مستدلًا على الإباحة: قال تعالى: {فبشر عبادى الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} فيقتضى التعميم والاستغراق، والدليل عليه أنه مدحهم باتباع الأحسن وقال تعالى:{فهم فى روضة يحبرون} فى التفسير أنه السماع قال: واعلم أن سماع الأشعار بالأصوات الطيبة والنغم المستلذ إذا لم يعتقد المستمع محذورًا، ولم يشتمل على مذموم، فيباح فى الجملة، ولا خلاف أن الأشعار أنشدت بين يدى رسول -صلى الله عليه وسلم- وأنه سمعها ولم ينكر عليهم، فإذا جاز بغير الألحان فلا يتغير الحكم بها، وقد سمع السلف والأكابر الأبيات بالألحان.
قال: وممن قال بالإباحة مالك بن أنس، وأهل الحجاز كلهم يبيحون الغناء، والصواب أنه يختلف باختلاف أحوال الأشخاص، والله أعلم (قوله: فلا يبعد إلخ)؛ لأن الحكم يدور مع العلة فمن حسن قصده وتطهر من حظوظ الشهوات ورذائل الشبهات، فلا يصح أن يحكم على سماعه بالحرمة، قال أبو طالب المكى -رضى الله عنه-: إن طعنا على السماع فقد طعنا على سبعين صديقًا، وقال فى (مفاتيح الكنوز وحل الرموز) لابن عبد السلام المقدسى بعد كلام طويل فنقول: إن السماع ثلاثة أقسام: حرام محض وهو لأكثر الناس من الشبان، ومن غلبت عليهم شهواتهم وفسدت مقاصدهم، فلا يحرك السماع منهم إلا ما هو الغالب عليهم وعلى قلوبهم من الصفات المذمومة، سيما في زماننا هذا وتكدر أحوالنا وفساد أعمالنا، وقد روى عن الجنيد -رضى الله عنه- أنه ترك السماع فى آخر أمره فقيل له: كنت تسمع أفلا تسمع؟ فقال: مع من؟ فقيل له: تسمع أنت لنفسك فقال: ممن؟ قال: فالسماع لا حسن إلا مع أهله مع أهله فإذا انعدم أهله واندرس محله فيجب على العارف تركه.
والقسم الثانى مباح وهو لمن لا حظ له إلا السرور بالصوت الحسن واستدعاء
ــ
(قوله: فلا يبعد إلخ) إنما لم يجزم به لأن المشهور راعى درأ المفاسد.