بحقوقها بل ما عرف منها لا يمكن القيام بما يقابله ويستحقه من الذلة والخدمة نسأله سبحانه أن يعفو عنا ولا يكلنا لأعمال أنفسنا (قوله: أن يتطفل) التطفل الإتيان للطعام من غير دعوة ومراده هنا الإتيان بمثل ما أتى به (قوله: على مثله) فأولى عليه وقد يطلق مثل الشيء نفسه مبالغة على حد مثلك لا يبخل والضمير إما للشيخ خليل أو لما أراده (قوله: لكن جرأني) من الجرأة وهي الإقدام على الشيء والاستدراك لرفع ما يتوهم من الاستبعاد وأنه بهذه الصفات من أنه لا يأتي بمثل صنيعه أو بما أراده (قوله: حسن ظني إلخ) فإن من حسن ظنه بالله أعطاه مأموله فإن الخير بيده وهو قادر على كل شيء كريم لا يرد من أمله صفر اليدين وفي الحديث: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" قال الإمام ابن حجر: أي: قادر أن أعمل به ما ظن أني أعامله به وفي شرح مختصر الحصن المتبادر من اللفظ أن الله سبحانه يجازي العبد على حسن ظنه وأن هذا ترغيب في حسن الظن وتحذير من سوءه وإشارة إلى ترجيح جانب الرجاء على الخوف ولو في حال الصحة وإن كان المشهور على ألسنة الفقهاء تقييده بالمحتضر وحديث: "لا يؤمن أحدكم إلا وهو يحسن ظنه بالله" حض على تحسين الظن في هذه الحالة لا يلزم منه عدم تقديمه في حال الصحة أيضاً على أن المراد به الأمر بحسن الظن دائماً لأن العبد لا يدري متى موته كما قال زروق وفي شرح المشارق: المراد بالظن اليقين والاعتقاد وقريب منه قول ابن أبي جمرة: الظن بمعنى العلم كقوله تعالى: "وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه" وهم قد علموا علماً حقيقاً لأن هذه الأمور القلبية مطالبون فيها بتحقيق الإخلاص والتصديق القطعي وقال في موضع: إنه يختلف باختلاف مقامات العبيد وأحوالهم في الدنيا والآخرة فإنه يتفاوت بتفاوت كمال الإيمان وعدمه وقال القرطبي: معنى "عند ظن عبدي بي" ظن الإجابة عند الدعاء وظن القبول عند التوبة وظن المغفرة عند الاستغفار وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها تمسكاً بصادق وعده ويؤيده حديث: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة" قال: فيجتهد العبد بالقيام بما عليه موقنا بأن الله يقبله ويغفر له لأنه وعد بذلك وهو لا يخلف الميعاد واعتقاد خلاف ذلك هو
ــ
(قوله: على مثله) أي: مثل الأصل أو مثل هذا الجمع الذي أردته.