للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أزعجني تقصيري وخوفه أقدمني عليه رجاؤه وسعة فضله،

ــ

اليأس من رحمة الله المعدود من الكبائر ومن مات على ذلك وكل إلى ظنه قال وأما ظن المغفرة مع الإصرار فهو محض الجهل الذي يجر إلى مذهب المرجئة وقال سيدي زروق: حسن الظن عقد الضمير على توقع الجميل بوجه لا يتزلزل إلا بيقين وهو يفيد الانقطاع لمن حسنت ظنك به والوقوف بكنه الهمة عليه وقال أبو محمد عبد العزيز المهدوي: حسن الظن عبارة عن قطع الوهم؟ والمقصود تحسين الظن على كل حال وبكل وجه فقد جاء في الخبر: "خصلتان ليس فوقهما شيء من الخير حسن الظن بالله وحسن الظن بعباده" وقال عليه الصلاة والسلام: "حسن الظن بالله من حسن عبادة الله" (قوله: أزعجني) أي: أقلقني وخوفني (قوله: تقصيري) أي: في القيام بحقوقه (قوله: وخوفه) أي: الخوف منه والخوف: غم يلحق الإنسان لأمر شنيع ويقال: فزع القلب عن مكر يناله أو محبوب يفوته ويقال: الخوف على المتوقع والحزن على الواقع وقوله تعالى: {إني ليحزنني أن تذهبوا به} على معنى قصد أن تذهبوا به وهو واقع في الحال (قوله: أقدمني) أي: جرأني ففيه تفنن (قوله: رجاؤه) الرجاء تعلق القلب بمحبوب يتحصل وقيل ثبوت القلب من ملاطفة الرب ويطلق بمعنى الخوف كما في قوله تعالى: {وقال الذين لا يرجون لقاءنا} والأمل كما في قوله تعالى: {فمن كان يرجوا لقاء ربه} والطمع وهما المحتملان هنا ولما كان الإفراط من الخوف ربما أدى إلى القنوط والإفراط في الرجاء ربما أدى لقلة الأدب المؤدى للإبعاد جمع حفه الله بألطافه بين هاتين الجملتين إشارة للتوسط بين الحالين من غير تفريط ولا إفراط قال ذو النون المصري: الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف وفي الحديث: "الرجاء والخوف لا يجتمعان في أحد في الدنيا فيريح ريح النار، ولا يفترقان في أحد في الدنيا فيريح ريح الجنة" رواه البيهقي وفي تفسير الثعالبي قال المحاسبي: قلت للشيخ هل يلحق المحبين لله عز وجل خوف قال: نعم الخوف لازم لهم كما لزمهم الإيمان لا يزول إلا بزواله وهذا هو خوف عذاب التقصير في بدايتهم حتى إذا صاروا إلى خوف الفوت صاروا إلى الخوف الذي يكون في أعلى حال فكان الخوف الأول الذي يطرقهم خطرات وصار خوف الفوت وصفا قلت: فما الحالة التي تكشف عن قلوبهم شديد الخوف والحزن؟ قال: الرجاء بحسن الظن لمعرفتهم سعة فضل الله عز

<<  <  ج: ص:  >  >>