وإني لأطمع في رحمة سبقت الغضب وفيض لا يختص من طلب وإن كنت لست أهلاً لأن أرحم) بالبناء للمفعول (فربنا الكريم أهل لأن يرحم وأعوذ بالله من علم لا ينفع
ــ
وجل وأملهم منه أن يظفروا بمرادهم إذا وردوا عليه ولولا حسن الظن لتقطعت أنفسهم حسرات وماتوا كمداً وإضافة الرجاء إلى ضمير الذات العلية إشارة إلى التعلق بالذات العلية فلا يتكرر معه وسعة فضله على أن الأول كالمسبب عن الثاني والمقام مقام إطناب (قوله: وإني لأطمع) التأكيد لشرف الحكم وهو من معنى ما قبله (قوله: سبقت الغضب) لا يخفى أن الرحمة إرادة الإنعام أو الأنعام والغضب إرادة الانتقام أو الانتقام فهما صفتان لله ومن المعلوم قطعاً أن كلاً من صفاته تعالى قديم لا يوصف بكونه سابقاً أو غالباً على الآخر فالكلام كناية عن سعة الرحمة وعمومها لجميع الخلق مطيعهم وعاصيهم جليلهم وحقيرهم بخلاف الغضب فلا يتعلق إلا بالعاصي وحظ الخلق من الرحمة أكثر من حظهم من الغضب ولا الرحمة تنالهم من غير استحقاق بخلال الغضب فصارت الرحمة كأنها السابقة الغالبة تأمل (قوله: وفيض) أي: كرم شبهه بالفيض بجامع الكثرة وقوله: لا يخص إلخ تجريد أو شبه الكرم بماء ذي إفاضة على طريق الاستعارة بالكناية (قوله: من طلب) بالمقال أو الحال (قوله: وإن كنت إلخ) كالعلة لما قبله وهذه الجملة مقتبسة من كلام القطب الشاذلي في الحزب الكبير أي: وإن كنت لست أهلاً لاستحقاق الرحمة لما جبل عليه العبد من غاية النقص الذاتي المناسب لغاية الإقصاء والإبعاد عن جانب الحق وحضرة قدسه ومحل قربه لولا عنايته تعالى وتدارك رحمته على أنه بكل حال لا يقدر ربه فهو من أجل ذلك مستحق للمقت والعذاب فيما يظن أنه عين الأدب ويستجلب الغضب بما به قد يتقرب لأن عبادة جميع العالم بالنسبة لعظمة المعبود وما هو عليه من الرفعة والجلال وما يقتضيه من الإعظام كلا شيء ولكنه تعالى برأفته ورحمته رضى من العبد بما هو غني عنه ويستحيل أن يصل نفعه إليه (قوله: فربنا الكريم أهل إلخ) فإن الكريم لا يخص إنعامه بمن يستحق بل يعم كل أحد قال القطب الشاذلي: وأن ترحمني كما رحمتهم مع عظيم إجرامي فأنت أولى بذلك وأحق من أكرم به فليس كرمك مخصوصاً بمن أطاعك وأقبل عليك بل هو مبذول بالسبق لمن شئت من خلقك وإن عصاك وأعرض عنك قال تعالى: {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم}(قوله: من علم لا ينفع) بأن لا