وإن لم يتقدم له اشتغال بالعلم أدب. وتجوز الأجرة على الفتيا إن لم تتعين. وذكر عن ابن عمر تقديم الشاذ في المذهب على مذهب الغير ذكره عند قول الأصل: مبينًا لما به الفتوى والأشياخ على عكسه.
ــ
تعالى:{ولا تقف ما ليس ل كبه علم} وأنه داخل تحت الآية. قال ميارة: وهو كثير في فتاوى المتأخرين، خلافًا لمن قال: المقلد لا يفتي إلا إذا وجد النص في عين النازلة (قوله: وإن لم يتقدم له اشتغال بالعلم)؛ أي: اشتغال معتد به يتأهل معه للفتوى (قوله: إن لم يتعين) أما إن تعينت بعدم وجود غيره، أو بتعيين خلاص الحق على فتواه، فلا تجوز الأجرة (قوله: تقديم الشاذ في المذهب إلخ)؛ لأنه على كل حال لم يخرج عن أقوال إمامه، وذلك بأن لم يجد نصًا في المذهب، أو من يسأله. لا يقال: كيف يتصور شاذ بلا راجح في المذهب؟ لأنه قد يكون الشذوذ من ناحية القياس، أو وجده بناء على أن المفتي ينقل الروايات، أو الأقوال للمقلد ويخيره فيها، ولا يحمله على العمل بواحد منها، ولا يتعني الإفتاء بالمشهور؛ لأنه كمؤتمن على أمانات يجب عليه إخراج جميعها لأربابها، ولا يدري لعل غيره أرجح عند الله، فيدخل في مقتضى قوله تعالى:{ولا تقف ما ليس لك به علم}.
(قوله: والأشياخ على عكسه)؛ أي: يقدم مذهب الغير على الشاذ، لوجوب العمل بالراجح، وحرمة العمل بالضعيف فضلًا عن الشاذ، ولو في غير إفتاء أو حكم بأن عمل به في خاصة نفسه؛ لأن عدم التزام المشهور يؤدي إلى الفساد والاضطراب.
قال العلامة ابن مرزوق على ما نقله عنه في المعيار: وهذا في القدوم عليه ابتداء، أما بعد الوقوع فلا خلاف أن مقلد الشاذ لا تباعة عليه إن كان من أهل التقليد، وهذا أيضًا ما لم يلزم مذهبًا معينًا، ثم يريد الرجوع عنه إلى غيره، فإن هذا على ما ذكره (ابن الحاجب) إن كان قلد في المسألة المعينة لم يكن له أن يرجع عن مذهب من قلده فيها اتفاقًا، وفي حكم آخر: المختار جوازه. قال: فإن التزم مذهبًا معينًا كمالك والشافعي، ثم أراد الانتقال عنه إلى غيره، فثالثها المختار كالأول، وهذا في جواز الانتقال بعد التقليد جار في أقوال المذهب الواحد على ما نقله أبو الحسن في شرح التهذيب اهـ.