للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: عند المدح:

وهو من أخطر الأبواب على النفس .. فإذا ما فتح أمامها فإنها تجد المجال خصبًا لكي تنتفخ وتتعاظم .. فهو الشراب الحلو اللذيذ الذي يسكرها ويجعلها تعيش في أجواء النشوة والسرور والطرب.

لذلك قيل: المدح هو الذبح .. فمن أراد أن يذبح أحدًا فليكثر من مدحه، كما قل صلى الله عليه وسلم لمن مدح رجلًا عنده: " ويحك قطعت عنق صاحبك، لو سمعها ما أفلح " ثم قال: " إن كان أحدكم لابد مادحًا أخاه فليقل أحسب فلانًا ولا أزكي على الله أحدًا، حسيبه الله إن كان يرى أنه كذلك" (١).

ماذا نفعل عند المدح؟

ولكن ماذا نفعل إذا ما مدحنا شخص في وجوهنا؟

[١ - علينا بعدم الاسترسال أو التجاوب مع المدح ومدافعته بشتى الطرق]

فهذا رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله" (٢).

وعن أنس أن رجلًا قال: يا محمد أيا سيدنا، وابن سيدنا، وخيرنا وابن خيرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أيها الناس، عليكم بتقواكم، ولايستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله، أنا عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله" (٣).

أطرى رجل عمر بن عبد العزيز في وجهه، فقال: يا هذا؟ لو عرفت من نفسي ما أعرف منها، ما تظرت في وجهي.


(١) متفق عليه: البخاري (٢/ ٩٤٦، رقم ٢٥١٩)، ومسلم (٤/ ٢٢٩٦، رقم ٣٠٠٠).
(٢) رواه البخاري برقم (٣٤٤٥).
(٣) صحيح، رواه الإمام أحمد وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة ح (١٥٧٢).

<<  <   >  >>