والمستهدف من معرفة حقيقة الإنسان اليقين بعجزه وضعفه وجهله وافتقاره إلى كل ما يقيمه ويصلحه، فإذا ما تم اليقين بذلك ظهر مدى حاجته لربه، وأنه لو تخلى عنه طرفة عين لهلك.
أما النفس فالمطلوب هو معرفة طبيعتها من حب الفجور والطغيان والعلو، وأنها لو تُركت لما أمرت بطاعة ولا تركت معصية، فإذا عرف ذلك دام حذر العبد منها وعدم رضاه عنها.
[حقيقة الإنسان]
[تعرف على أصلك]
أصل الإنسان هو التراب الذي يمشي عليه، والذي لا يساوي - في نظره - شيئًا مذكورًا، أما بداية خلفه فمن نطفة، لو نظر إليها الإنسان لتقزز منها {قتل الإنسان ما أكفره قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ}[عبس: ١٧ - ٢٠].
إذن فأصلنا حقير .. لم تتكون أجسادنا من معادن نفيسه، بل عناصرها مثل عناصر التراب .. هذا هو أصلك أيها الإنسان {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ}[الطارق: ٥].
فإذا شمخت بأنفك فتفكر في أصلك وما تحمله في بطنك.
حكى أن مطرف بن عبد الله بن الشخير نظر إلى الملهب بى أبي صفرة، وعليه حلة، يسحبها، ويمشي الخيلاء. فقال: يا أبا عبد الله، ما هذه المشية التي يبغضها الله ورسوله؟ قال الملهب: ألا تعرفني؟ فقال: بل أعرفك؛ أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وحشوك فيما بين ذلك بول وعذرة (١).