فكل صاحب سلطان، ولو صغر، سيجد أمامه مساحة يتحرك فيها دون اعتراض أومقاطعة من أحد، وسيجد كذلك من يمدحه ويثني عليه، ومن النادر أن يجرؤ أحد على انتقاده، مما يؤدي إلى تسرب داء العُجب لنفسه، واستعظامه لها.
فالنمرود - على سبيل المثال - لم يكن ليدعي الربوبية لو كان فقيرًا مجهولًا بين الناس، قال تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ}[البقرة: ٢٥٨].
فملكه - كما بيَّن القرآن - كان سببًا في تبجحه، وتطاوله وادعائه الربوبية.
سابعًا: قلة مخالطة الأكفاء وعدم وجود النُصحاء:
عندما يجد صاحب الإمكانات والنجاحات كل من حوله دونه في المستوى، فإن هذا بلا شك من شأنه أن يهيئ نفسه أكثر وأكثر لاسقبال داء العُجب، واستفحاله فيه، ولم لا وهو يرى رأيه دومًا هو الرأي الصائب، وتفكيره هوالتفكير السديد .. تتعلق به الأنظار لتسمع وجهة نظره في مجريات الأحداث ..
ومما يلحق بهذا السبب: عدم وجود النصحاء بجوار الشخص، فالنصيحة وإبداء الملاحظات على الأداء لها دور كبير في تحجيم الإنسان، وعدم تضخيم ذاته ..
فإذا ما غابت النصيحة عنه، وجد العُجب الطريق ممهدًا للسيطرة على نفسه لذلك كان عمر بن الخطاب يقول: رحم الله امرًا أهدى إليَّ عيوبي.
ثامنًا: تربية الأبوين (النشأة الأولى):
قد تكون التربية الأولى في المنزل لها دور كبير في تضخيم الذات، وذلك من خلال اهتمام الأبوين بإشعار أبنائهما بتميزهم على أقرانهم، فهم الأشرف نسبًا، أو الأعلى جاهًا، أو الأكثر مالًا، أو الأحسن أثاثًا ... مع كثرة مدحهم، وذم الآخرين أمامهم، وعدم تعويدهم على مساعدة الآخرين، ولا حب الفقراء والمساكين،