للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التعالي على الناس]

وعندما تتعدد الجزئيات التي تتضخم داخل الإنسان فإن نفسه تتعاظم وتكبر شيئًا فشيئًا، ومِن ثَمَّ يزداد إعجابه بها وتقديسه لها، وينعكس ذلك على تعاملاته مع الآخرين ... فتراه يكثر من نصح غيره ونقده، ولا يقبل نصيحة من أحد.

يحب أن يخدمه الناس ويكره أن يخدم أحدًا.

لا يمل من الحديث عن نفسه، وإنجازاته، وماضيه، ولو كرر ذلك مئات المرات، وفي نفس الوقت تراه يقطع غيره ولا يسمح له بالحديث عن نفسه كما يفعل هو.

لا يعطي الآخرين حقوقهم من التقدير .. ويضيق صدره إذا ما أثنى على أحد غيره .. يفرح بسماع عيوب الناس وبخاصة إذا ما كانوا أقرانه.

يبتعد عن كل ما ينقصه أو يظهره بمظهر الجاهل أو المحتاج إلى المعرفة.

إذا سُئل عن أمر من الأمور تراه يجيب دون دراية لينفي عن نفسه صفة الجهل (وإن رد عليه شيء من قوله غضب، وإن حاجّ أو ناظر أنِف أن يُرَد عليه وإن وعظ استنكف من قبول النصح .. وإن علم لم يرفق بالمتعلمين، وانتهرهم، وامتن عليهم، واستخدمهم) (١).

إن هذه المظاهر باختصار تعكس معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الكبر بطر الحق وغمط الناس " (٢).

[أمثلة من الواقع]

ومن الأمثلة العملية التي تكشف تضخم الذات ووجود الصنم:

- إبليس: عندما كبرت عنده ذاته وتضخمت حدا به ذلك إلى عدم الانصياع لأمر الله بالسجود لآدم عليه السلام معللًا ذلك بقوله: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف: ١٢].


(١) إحياة علوم الدين ٣/ ٥٣٢، ٥٣٣.
(٢) رواه مسلم (١/ ٩٣، رقم ٩١).

<<  <   >  >>