للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان عيسى بن مريم يقول: اللهم إنى أصبحت لا أملك ما أرجو، ولا أستطيع دفع ما أحاذر، وأصبح الأمر بيد غيري، وأصبحت مرتهنًا بعملي، ولا فقير أفقر مني (١).

[طبيعة النفس]

ومع كون الإنسان ضعيفًا وعاجزًا وجاهلًا وفقيرًا إلى الله عز وجل فقرًا مطلقًا وذاتيًا، فإن لنفسه طبيعة تتنافى مع هذه الصفات.

فهي نفس شحيحة تحب الاستئثار بكل خير {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: ١٢٨].

لديها قابلية للطغيان والفجور {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا} [الشمس: ١١].

تحب العلو والتميز عن الآخرين.

ترغب دومًا في الراحة، وتكره المشاق والتكاليف.

تريد شهوتها وحظها من كل فعل يقوم به العبد - وإن كان فيه حتفها - فهي لا تنظر إلى العواقب.

يقول المحاسبي: إن النفس لو تُركت لما فعلت أي طاعة، وما تركت أي معصية ..

لماذا؟!

لأن محبتها في خلاف ذلك. فالعبد لايكاد يأتي برًا إلا وشهوة نفسه في ضده (٢).

ألم يستعذ من شرها رسولنا صلى الله عليه وسلم .. بقوله: " ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ".

وقال صلى الله عليه وسلم لحصين بن المنذر: " قل اللهم ألهمني رشدي، وقني شر نفسي ".


(١) الزهد للإمام أحمد ص٩٥.
(٢) الرعاية لحقوق الله ص٤٣٥.

<<  <   >  >>