للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن كل صلاة نصليها، وصيام نصومه، وذكر نذكره، ودعاء ندعوه، ونفقه ننفقها ... كل ذلك وغيره من صور البر المختلفة، تتم بفضل وإعانة من الله عز وجل {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ} [الأنبياء: ٧٣].

فالله سبحانه وتعالى هو مصدر كل خير نفعله .. يمدنا بأسبابه لحظة بلحظة، ولو شاء لمنعنا إياها .. ألم يقل لرسوله وحبيبه صلى الله عليه وسلم: {وَلَئِنْ شيءنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (٨٦) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا} [الإسراء: ٨٦، ٨٧].

فلولا فضل الله ما صلينا ولا صمنا ولا تصدقنا ولا أسلمنا ولا آمنا.

ففي الحديث القدسي: " يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلانفسه " (١).

بل إن كل خاطرة تخطر على بال الإنسان تدعوه لخير هي من الله عز وجل ..

ففي الحديث: " في القلب لمتان، لمة من الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد لك فليعلم أنه من الله سبحانه وليحمد الله، ولمة من العدو إيعاد بالشر وتكذيب بالحق، ونهي عن الخير، فمن وجد ذلك فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم " (٢).

وعندما تغيب هذه الحقيقة عن ذهن المرء، فما أسهل تسلل داء العُجب إليه فيفرح بنفسه، ويعجب بها وينسب الفضل إليها، كلما عمل عملًا أو قال قولًا واستحسنه الناس.

قال مسروق: بحسب امرئ من العلم أن يخشي الله، وبحسب امرئ من الجهل أن يعجب بعلمه (٣).


(١) أخرجه مسلم (٤/ ١٩٩٤، رقم ٢٥٧٧).
(٢) أخرجه الترمذي (٥/ ٢١٩، رقم ٢٩٨٨) وقال: حسن غريب، والنسائي (٦/ ٣٠٥، رقم ١١٠٥١).
(٣) أخلاق العلماء للآجري ص ٦٣ - دار القلم - دمش.

<<  <   >  >>