المقدم: نرجو منكم لمحة تاريخية عن جبل أحد؟ الشيخ: هو جبل يقع في شمال المدينة، وقعت عنده معركة أحد التي تبين لنا المنهج النبوي في تربية الناس.
حصل عنده معركة، نتيجتها قرح، وأسى، وشهداء، وموتى، يقول الله:{إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ}[آل عمران:١٤٠]، قتل سبعون صحابياً رضي الله عنهم وأرضاهم، فأراد أهلهم أن يحملوهم إلى المدينة لدفنهم، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ادفنوهم في مصرعهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم وهو واقف عليهم:(أنا شهيد على هؤلاء).
الآن بعض الناس يأمر ويريد تنفيذ كل أمر؛ مع أن الإنسان عندما يسوس من دونه لا بد أن يراعي حوائجهم، فالنبي عليه الصلاة والسلام أمرهم ألا ينقلوا قتلاهم، إذاً: أين سيدفنون؟ سيدفنون عند الجبل.
القتلى سبعون، والناس في أسى وحزن وقرح لا يستطيعون حفر سبعين قبراً، ولا يوجد دافع نفسي معنوي، فقد صلوا خلف نبيهم الذي صلى الظهر قاعداً وصلوا خلفه قعوداً من الأسى والحزن، هنا قال:(احفروا وأعمقوا) وذلك حتى يحتمل القبر أكثر من شخص، فيقل الجهد البدني المبذول في الحفر، وهذا كله مراعاة لهم منه صلى الله عليه وسلم.
وتمر الأيام، وتطوى الليالي، فيمر صلى الله عليه وسلم على أحد فيقول:(هذا أحد) وهو لا يشير إلى مجهول فكل الصحابة يعرفون أنه أحد، فماذا كان يتوقع الإنسان أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم بعد قوله:(هذا أحد)؟
الجواب
يتذكر الأسى، لكنه قال:(جبل يحبنا ونحبه)، وذلك لأمور: أولها: تأسيس العقيدة أو تركيز العقيدة، والمعنى: أن الأماكن لا تقدم ولا تؤخر، ولا تنفع ولا تضر، فإن أصابكم الأسى والحزن تحت سفح أحد لكن ذلك لا يعني التطير منه أو التشاؤم به، أو ما إلى ذلك.
بل هذا الجبل الذي قتلتم عنده يحبنا ونحبه.
فائدة أخرى: وهو أنه ينقلب الحال بعد ذلك، فإذا كان يحبنا ونحبه فإننا نتذكر عنده شهداءنا رضي الله عنهم وأرضاهم، وهذه دلالة عظيمة على كرامة الشهيد عند الرب تبارك وتعالى.