المقدم: ورد ذكر السيدة فاطمة رضي الله عنها في الحديث فلعلنا نبين يا شيخ أفضليتها بين النساء.
الشيخ: فاطمة هي ابنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في من هي سيدة نساء العالمين على عدة أقوال أشهرها أربعة، فقيل: إنها فاطمة، وقيل: إنها خديجة، وقيل: إنها عائشة، وقيل: بالتوقف في المسألة، فهذه أظهر الأقوال، والذي يترجح عندي والعلم عند الله أن فاطمة أفضل نساء العالمين قاطبة، والأدلة على هذا ثلاثة: الدليل الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (أنت سيدة نساء أهل الجنة)، قال لها ذلك في مرض موته.
والدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي أبناؤه وبناته جميعاً وهو حي، والقاعدة تقول: إن الإنسان إذا فقد عزيزاً فهذا العزيز إذا صبرت على فقده فهو في ميزانك، وإذا صبر هو على فقدك فأنت في ميزانه، مثلاً هناك أب صالح وابن صالح، فإذا مات الأب قبل فالأب في ميزان الابن إذا صبر، والابن إذا مات قبل أبيه فالابن الصالح يكون في ميزان أبيه إذا صبر.
فجميع أبناء وبنات النبي صلى الله عليه وسلم في ميزانه صلوات الله وسلامه عليه، وهو ميزانه ثقيل بهم وبغيرهم، لكن فاطمة هي الوحيدة من أبناء وبنات النبي صلى الله عليه وسلم التي النبي عليه الصلاة والسلام في ميزانها؛ لأن هؤلاء مات النبي صلى الله عليه وسلم بعدهم، وأما هي فقد رأت وفاته صلى الله عليه وسلم فصبرت، ولا ريب أن مجرد فقد أي فتاة لأبيها مثقل، فكيف لفقدها لأبيها وأبوها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم! فالنبي عليه الصلاة والسلام في ميزان ابنته رضي الله عنها، ولا يحتاج هذا إلى تعليق بأنه ميزان ثقيل جداً.
الدليل الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حقها: (إنها بضعة مني)، ولهذا قال الذهبي رحمة الله عليه في الأعلام في ترجمتها: هي البضعة النبوية، والجهة المصطفوية.
فهذه الثلاثة الأدلة تجعلني أرجح القول بأنها سيدة نساء العالمين، رضي الله عنها وعن أمها، وصلى الله على أبيها.
ولا يفهم من كلامي هذا أن من أراد أن يبر بوالدته أو بوالده أنه يتمنى موته قبله، أو أن هذا أيضاً قد يسبب لهما بعض الحزن، فهذا أمر قدري لا يدخل فيه ولا يتمناه لا لنفسه ولا لأحد، وإنما يرضى بقضاء الله وقدره.