للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحقوق المتعلقة بتركة الميت]

المقدم: ننتقل إلى موضوع آخر، وهو ما يتعلق بمسألة الوصية والدين: من المعروف فقهياً أن الدين يقدم على الوصية، والمتتبع لآيات المواريث يجد أن الباري سبحانه وتعالى ينص على تقديم الوصية: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء:١٢].

قبل أن ندخل في بيان سبب هذا التقديم لعلكم تشيرون إشارة سريعة إلى أهم الحقوق المتعلقة بتركة الميت.

الشيخ: أولاً: نسأل الله لنا ولمن يشاهد حسن الختام.

ثانياً: المال أعطاه الله جل وعلا لابن آدم وموله إياه، أي: ملكه الله جل وعلا إياه، فعند موته يسلب ماله كله، ويوم القيامة يسأل العبد عن ماله كله، إلا أنه يمكن تقسيم ما يتعلق بماله حال الموت إلى أربعة أقسام: الأول: الإنسان في الدنيا يلبس شيئاً يستر عورته ويخفي سوءته فلا سبيل لأحد بأي سبب إلى الوصول إلى ما يرتديه المرء، ولو كان لنا عليه مئات الآلاف من الأموال فلا سبيل لنا إلى أن نبيع ثيابه، لحاجته إليها.

هذه يوازيها كفن الميت وجهازه إلى قبره، فأول ما يصرف فيه مال الميت وتركته كفنه وجهازه، ولا يحق لأحد أن يطالب بشيء لا يكفي إلا للكفن وجهازه إلى قبره، فهذا يصبح مرادفاً أو موازناً للثياب في الحياة.

الأمر الثاني: إذا كان عليه دين فإن الذمة لا تبرأ إلا بقضائه، فإن كان قد أوصى بعطايا أو بقربات، فلا شك أن هذه الوصايا والقربات يريد بها زيادة أجر، ولا ريب أن تبرئة الذمة مقدمة على زيادة الأجر فلذلك لا بد أن يقدم الدين بالاتفاق، حتى تبرأ ذمته، قال عليه الصلاة والسلام: (نفس المؤمن معلقة بدينه).

والناس اليوم يتساهلون في كل شيء، ففي أقسام المرور هناك قسائم، وكذلك قروض البنك العقاري، أو فواتير الهاتف أو الكهرباء؛ هذه كلها ديون باقية في الذمة يجب سدادها من مال الميت قبل أن توزع تركته، أو قبل أن يقتسم الناس ماله، أو قبل أن يمضى في وصيته، هذه نقطة أساسية.

الثالث: الوصية، لأنه إذا انتهينا من تبرئة الذمة ننتقل إلى درجة أعلى وهي القربات، فله ثلث المال، قال عليه الصلاة والسلام لـ سعد رضي الله عنه وأرضاه: (الثلث والثلث كثير) وأبو بكر رضي الله عنه اختار الخمس، قال: رضيت ما ارتضاه لنفسه {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال:٤١] فأوصى بالخمس؛ لكن الثلث كحد أقصى.

وهنا جعله الله جل وعلا له رحمة به حتى يكون سبباً في نجاته يوم القيامة، ويكون له بسببه لسان صدق، فإن الله جل وعلا ذكر أنبيائه وذكر أنهم يبحثون عن لسان صدق في الآخرين.

ومن أسباب حصول الثناء الحسن والذكر العاطر بعد الوفاة أن يكون هناك مال ينفق على من بعدنا ينفق على قربات على الفقراء على المساكين وغيرها من مجالات الخير، وقد ظهرت في بلادنا ولله الحمد جمعيات تعنى بهذا الأمر، وكلها مجال خير يسهم فيه المرء.

الرابع: وهي ما كتبه الله للوارثين، وقد قسمه الله جل وعلا في كتابه وتولى تقسيمه بنفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>