وفي قصة ابني آدم لطائف كثيرة لعلنا نذكر بعضاً منها: الله يقول: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ}[المائدة:٣١]، الآن: لو أن شخصاً قتل فبهت قلبه بعد العملية، وعجز فيما يصنع بأخيه المقتول، فأراد الله أن يعينه فبعث غراباً إليه من الفواسق حتى يعلمه؛ لأن القاتل دخل في عالم الفسق، وقد قيل: إذا كان الغراب دليل قوم دلهم على جيف الكلاب فحفر ودفن، فنظر القاتل إلى الغراب فقال:{قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ}[المائدة:٣١]، فنزع عن نفسه ما أكرمه الله به من التقوى، وأصبح أسوأ وأشد فسقاً من الغراب، وذكر ذلك بلسانه:{يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي}[المائدة:٣١]، وكلنا يعلم أنه لا ملزم على الله، وقد كان بالإمكان أن يبعث الله مخلوقاً آخر ليعلمه، سواءً من الطير، أو من الحيوانات، لكن الله -ولا نقول هذا جزماً؛ لأن الله لم يصرح به- بعث غراباً ليبين له مقامه ومكانه بعد أن وصل إلى القتل.
إذاً: ينجم عن هذا أن الإنسان -عياذاً بالله- إذا قتل واستحل دم أخيه وقتله، فإنه يصل إلى درجة الفسق؛ ولهذا جاءت النصوص بتحريم الدماء، والقرب منها أياً كان الأمر.