[الجنة التي أخرج منها أبونا آدم]
المقدم: جاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا افتتح لنا الجنة، فيقول: هل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم، لست بصاحب ذلك).
نريد الكلام عن دخول أبينا آدم عليه السلام وخروجه من الجنة.
الشيخ: آدم عليه السلام هو أبو البشر، وهذا الحديث يكون يوم القيامة، (وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم)، فيردنا إلى الأول، وهو أن الله جل وعلا خلق آدم بيده في أحسن صورة، ولهذا فأهل الجنة يدخلون الجنة على هيئة أبيهم آدم، وخلق من آدم زوجه حواء على خلاف بين العلماء هل خلق حواء من آدم قبل دخوله الجنة أو بعد دخوله الجنة، فالذين قالوا: إن الله خلق حواء قبل أن يدخل آدم الجنة، أخذوها من قول الله تبارك وتعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة:٣٥].
والذين قالوا: خلقت في الجنة قالوا: إن آدم أدخل الجنة لوحده فاستوحش فخلق الله منه زوجه حواء، وأخذوا ذلك من عموم آيات الأعراف: {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف:١٨٩]، فقالوا: إن السكن لا يكون إلا بعد الوحشة.
أباح الله جل وعلا لآدم ما في الجنة كلها: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} [طه:١١٨ - ١١٩]، فوسوس إليه الشيطان، فيبقى
السؤال
كيف دخل الشيطان إلى الجنة؟ وهذا لا نعلم فيه نصاً صريحاً نجزم به، والغيب لا يتوصل له بعقل ولا بتجربة، لكن النقول التي بين أيدينا مما أخذ عن أهل الكتاب أو غيرهم: أن إبليس دخل الجنة في أنف الحية، وقيل في غير ذلك.
فلما دخل إبليس الجنة وسوس إبليس إلى آدم وهو في الجنة ونتج عن تلك الوسوسة أن أقنعه أن يأكل من الشجرة التي حرمها الله جل وعلا على آدم، أخذ إبليس يلاطف أبانا: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف:٢١].
قال الله: {فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [طه:١٢١]، أي: فانكشفت عورتاهما، قال الله: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف:٢٢]، يحاولان ستر العورة، هنا أخرج آدم من الجنة في يوم الجمعة كما خلق عليه السلام في يوم الجمعة، وهذا هو الذي جعل آدم يقول: (وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم)؟ لكن الذي عليه جمهور أهل السنة أن الجنة التي دخلها آدم هي جنة عدن التي وعد الله جل وعلا عباده إياها، والحديث الذي في مسلم: (وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم)، فلو كانت الجنة التي خرج منها آدم غير جنة عدن لما استقام هذا القول، لكن من الناس من يقول: إن الجنة التي أدخلها آدم ليست جنة عدن التي وعد الله جل وعلا عباده.
قالوا: بدليل أن الله جل وعلا قال: {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة:٣٥] والجنة ليس فيها تكليف، وقالوا: من يدخلها يخلد وهذا مخرج من الجنة.
فقيل لهم: إن الله قال: {اهْبِطُوا} [البقرة:٣٦]، قالوا: هذا ليس دليلاً؛ لأن الله قال: {اهْبِطُوا مِصْرًا} [البقرة:٦١]، وهم لم ينزلوا من السماء، لكنهم قالوا: إن هذه الجنة إما في السماء الدنيا وإما على الأرض.
المقصود أن أبانا آدم يقول يوم القيامة: (وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم)، حتى يأتي الأمر إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول: (أنا لها)، ويقرع باب الجنة، فيقول له الخازن: من أنت؟ فيقول: (أنا محمد)، فيقول: أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك، هذا ما تيسر من الكلام حول خلق أبينا آدم وجنة عدن التي أدخلها.