للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هدي النبي في الذكر بعد أكل الدباء واللحم واللبن]

المقدم: الطيبات أحلت لأشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، فكيف كان تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الطيبات، فنحن نقرأ في السيرة أنه عليه الصلاة والسلام أكل من الدباء، وأيضاً هناك دعاء خاص فيما يتعلق باللبن، وأيضاً هناك دعاء خاص فيما يتعلق باللحم، فما هو هديه صلى الله عليه وسلم في التعامل مع هذه الطيبات؟ الشيخ: الأصل أنه عليه الصلاة والسلام لا يتكلف مفقوداً، ولا يرد موجوداً، ولا يعيب طعاماً قط، فإذا لم يعجبه لم يأكله، لكنه لا يعيبه، هذا الأصل.

أما الدباء فقد ذكر الإمام البخاري رحمة الله عليه في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه أن خياطاً صاحب حرفة دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعام، قال أنس: فذهبت معه -بوصفه خادم النبي صلى الله عليه وسلم- فقال رضي الله عنه وأرضاه: (فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء في القصعة، فما زلت أحب الدباء من يومه)، بل جاءت روايات أنه كان يأمر أهله كلما صنعوا له طعاماً أن يجعلوا فيه دباء اقتداء.

والدباء هو القرع المعروف عند الناس ويطبخ طبخاً، حتى يكون هناك شيء يفيد الإنسان.

أما اللبن فقد جاء في حديث ابن عباس في سنن أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم سقي لبناً، فكان يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا أتي أحدكم بطعام فليقل: اللهم بارك لنا فيه، وأعطنا خيراً منه، وإذا سقي أحدكم لبناً فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه).

هذا يحدث سؤالاً: لماذا اللبن دون غيره؟ فقال صلى الله عليه وسلم في الحديث نفسه: (فإنه ليس شيء يغني عن الطعام والشراب إلا اللبن).

والله يقول: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل:٦٦]، قال بعض العلماء: إنه ما غص أحد باللبن قط؛ لأن الله قال: {سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل:٦٦].

وأما اللحم فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أكل لحم الدجاج، كما في حديث أبي موسى عند البخاري في الصحيح، قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل دجاجاً).

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أكل لحم الأرنب.

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أكل لحم الإبل.

وضحى صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقرة، أي: في الحج.

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أكل لحم الشاة، وكان الذراع والكتف أحب إليه مما سواه من اللحم، ولهذا فاليهود لما أهدوا له شاة تعمدوا أن يجعلوا السم في الكتف والذراع، فأخبرته الذراع أنها مسمومة صلوات الله وسلامه عليه، والله يقول: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:٦٧].

فهذا مجمل ما جاء في سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم.

وقد يقول قائل الآن: إنني أعتب على تركي وصالح أنهم أدرجوا السنة ونحن نتكلم عن القرآن؟

و

الجواب

نحن قلنا في القواعد -كما مر معنا- أن السلف لم يكونوا يفرقون بين القرآن والسنة، ولا يمكن فهم القرآن من غير السنة، فمن لم يفقه السيرة، ولم يطلع على هديه وأيامه صلى الله عليه وسلم فمحال أن يفقه القرآن، ومما نقل عن الخوارج أنهم يريدون أن يفهموا القرآن بمعزل عن السنة، ولا يمكن أن يفهم القرآن بمعزل عن السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>