المقدم: ننتقل يا فضيلة الشيخ إلى ما يتعلق بأميري الشعر شوقي وحافظ.
الشيخ: شوقي وحافظ يقول الناس: إنني أكثر الكلام عنه، والحق أني واحد من المعجبين به، وقد يكون هذا صواباً، وقد يكون خطأً.
وشوقي وحافظ من شعراء العصر الحديث، وقد مات حافظ قبل شوقي، فندم شوقي وتمنى لو أن حافظاً مات بعده؛ حتى يرثيه، والدنيا دول.
قال حافظ مبايعاً شوقي: أمير القوافي قد أتيت مبايعاً وهذي وفود الشرق قد بايعت معي فرد عليه شوقي وحفظ له الود والكلمة الطيبة هذه بعد وفاته قال: يا حافظ الفصحى وحارس مجدها وإمام من نجبت من البلغاء ولكل منهما قصائد حافلة، لكن شوقي بلا شك أفضل من حافظ بكثير، ومن درر قول حافظ ما قاله في أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في قصيدة عرفت بالعمرية، وقد ذكرناها كثيراً، ومنها قوله في أولها: حسب القوافي وحسبي حين ألقيها أني إلى ساحة الفاروق أهديها لا همّ هب لي بياناً أستعين به على قضاء حقوق نام قاضيها ثم قال يصور وفود وفادة رسول كسرى إلى عمر: وراع صاحب كسرى أن رأى عمراً بين الرعية عطلاً وهو راعيها فهان في عينه ما كان يكبره من الأكاسر والدنيا بأيديها وقال قولة حق أصبحت مثلاً وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها أمنت لما أقمت العدل بينهم فنمت نوم قرير العين هانيها ومما يحفظ له: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق وفي قصيدة يتكلم فيها عن مصر: كم ذا يكابد عاشق ويلاقي في حب مصر كثيرة العشاق وأما شوقي فله درر أكثر، ومنها بيته المشهور: دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني وله في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أبياتاً لا حاجة لإعادتها؛ فقد أكثرنا من قولها، ومن جيد أبياته قوله على حال المرأة في جاهلية مصر، ففي العصور القديمة التي حكمت مصر أيام الفراعنة كانوا يؤهلون النيل، فيختارون امرأة من أجمل النساء، ويقدمونها إلى النهر قرباناً، والحمد لله على نعمة الإسلام، ثم إن هذه المرأة تتأنق تتزين وتفرح أنها ستزف إلى النيل، فتلبس جيد ثيابها وفاخر ملابسها، ويزفها أترابها وهم يحسدونها على هذا المقام، ثم تلقى في النيل لتموت، وتظن أنها قد أصبحت زوجة له، يقول شوقي: خلعت عليك حياءها وحياتها أأعز من هذين شيء ينفق؟! وهذا بيت من حيث السبك الشعري في القمة.