للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الآثار الجانبية عندما يفتقد العلماء والدعاة الحكمة]

أحد المتصلين يقول: ما هي الآثار الجانبية التي تؤثر على عامة الناس عندما يفتقد العلماء والدعاة الحكمة؟ ولعلي أجمع بينه وبين سؤال بعض المتصلين كما ذكرت الآية: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:١٥٩].

الشيخ: الإنسان بقدر تأثيره في الناس يكون لخطئه أثر فيهم بقدر ذلك، يعني: إذا كان الإنسان قدوة أو أسوة وهو متبع ووقع في خطأ فإن أثر ذلك الخطأ يكون على الناس بقدر اتباعهم له، ولهذا فعلى كل من له صوت مسموع إعلامياً أو وعظياً أو له محراب أو له منبر أن يتقي الله فيمن يسمعه، وألا يعتبر أنه يمشي وحده، وألا يجازف بالناس ويتكلم كلاماً غير مسئول، وأن ينظر في عواقب الأمور؛ فإن الأمة أحوج ما تكون إلى من يرأب صدعها، ويلم شعثها، وأن تعطى الصورة الحسنة المثلى عن الدين، فالدين أعظم أمانة نحملها في أعناقنا، والإنسان لا ينظر إلى مصلحته الشخصية بل يتأسى بالحكمة كما فعل الأنبياء، وليس المهم ما يقوله الغلمان والشبان والولدان والناس عنك بعد خروجهم، بل المهم ما الذي يكتبه الملكان، فالإنسان ينبغي عليه أن يكون حكيماً ينظر إلى مصلحة الدين قبل أن ينظر إلى نفسه.

والآثار الجانبية التي ذكرها أبو عبير وفقه الله تبقى قاتلة إن كان الخطأ شائعاً ذائعاً استمع الناس له كثيراً، فتأسوا به واقتنعوا به، لعلو صوت أو غيره.

والأخت أم محمد ذكرت قضية -الظاهر- علو الصوت، وعلو الصوت لا يقدم ولا يؤخر، نعم كان النبي صلى الله عليه وسلم كأنه منذر جيش، وبعض الوعاظ وفقنا لله وإياهم لكل خير وهدانا الله وإياهم سواء السبيل يصرخون صريخ، وهذا لا يقدم ولا يؤخر، ولهذا جاء في وصايا لقمان: {إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان:١٩] يعني: لو كان لعلو الصوت دور لكان صوت الحمار أكمل، لكن القضية في المعنى، وأما ما جاء في الأحاديث: (كأنه منذر جيش) فهذا يمثل الهيئة، ثم إن بعض الألفاظ قد يحصل معها رفع الصوت، ثم إن ما يسمى بالمايكات الآن قد أغنت كثيراً عن رفع الصوت.

فالمقصود من هذا أن الإنسان يعرض ما عنده بهدوء وبيقين وبخطى واثقة حتى يصل لمقصوده.

<<  <  ج: ص:  >  >>