والفقهاء يقسمون الحيوان المباح إلى حيوان مقدور عليه وحيوان غير مقدور عليه، فيقولون في الحيوان المقدور عليه: إنه لا يحل إلا بتذكيته، فيشترطون التذكية للحيوان المقدور عليه مثل الإبل والبقر والغنم، أما الصيد فهو داخل في الحيوان غير المقدور عليه، والأصل في الصيد الإباحة، إلا إذا كان الإنسان في الحرم أو متلبساً بالإحرام، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحرم:(ولا ينفر صيده)، ما دام لا يجوز تنفير صيده فمن باب أولى ألا يجوز قتله، نعم، وأما إذا كان متلبساً بالإحرام، فالله يقول:{لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}[المائدة:٩٥].
وقال:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا}[المائدة:٩٦])) [المائدة:٩٦]، الذي يعنينا هنا أن الاصطياد يقوم مقام الذكاة.
ثم إنه إذا تم الصيد -سواء كان بآلة أو بسبع معلم أو طير- فإن هذا الحيوان المصاد لا يخلو من أحد أمرين: إما أن ندركه حياً حياة مستقرة أو لا.
فإذا أدركناه حياً حياة مستقرة، وكان هناك وقت لأن نذكيه فإننا نذكيه جبراً، ولا خيار لنا فيه؛ لأنه لم يمت بعد، فيعامل معاملة الحيوان المقدور عليه.
أما إذا أدركناه ميتاً انتهينا.
لكن إذا أدركناه وهو حي حياة غير مستقرة أو حياة مستقرة لكن لم يبق زمن لأن نجلب السكين ونذكي فإن صيده يقوم مقام تذكيته.
واشترطوا عندما نبعث الحيوان أن يكون الصائد من أهل الصيد عقلاً وديناً.
وقصدوا بالعقل التمييز، أي ألا يكون صغيراً، ولا يكون مجنوناً، ولا سكران.
وقصدوا بالدين أن يكون مسلماً أو من أهل كتاب، لأن أهل الكتاب تجوز أضحياتهم، وما دام تجوز أضحياتهم ينبغي أن يجوز صيدهم.
وهذا هو الشرط الأول.
الشرط الثاني: أن تكون آلة الاصطياد مما يجوز الصيد بها شرعاً.
الشرط الثالث: ألا يأكل المعلم من الصيد، مثل رجل عنده كلب فبعثه، ثم إن الكلب صاد لكنه أكل من الصيد، فهنا خلاف بين العلماء والراجح أنه لا يجوز الأكل منه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث عدي بن حاتم أنه قال له:(إذا أرسلت كلبك المعلم فأمسك فكل، إلا أن يكون الكلب أكل منه؛ فإنك لا تدري أمسكه على نفسه أو أمسكه لك).