[التعامل المنفعي]
السؤال
ما المقصود بالتعامل المنفعي والموقف منه؟
الجواب
يقول الله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين:١ - ٣].
ولذلك فالمنفعيون لو سألتهم: ما رأيك في سيارة كابرس موديل ٢٠٠٠، كم قيمتها؟ إذا كان ذكياً يقول: أنت بائع أو مشتر؛ لأنه إذا كنت تريد أن تشتريها فلا تدفع أكثر من كذا، وإذا كنت تريد أن تبيعها فيكون جوابه جواباً منفعياً.
المؤمن الحق الذي يرقب الله جل وعلا يضع نفسه في تعامله محل الطرف الآخر، فإذا وضع نفسه محل الطرف الآخر صدق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
وهذا هو النموذج الأمثل في التعامل مع الناس، أي أن يحب المرء لأخيه ما يحبه لنفسه، لكن يحصل في أسواقنا في طرائق التعامل ما يظهر الغش والخداع لغياب مراقبة الله جل وعلا.
في التعامل المنفعي كل يريد أن يفوز، وبعض من الناس والعياذ بالله لا يفكر إلا في البيئة التي يعيش فيها، يعني: من كثرة شعوره بالنقص يحب أن يسمع كلمة مدح.
فالمقصود أن الإنسان ينبغي أن يحمل في معاملته مع الناس آداباً إسلامية مستقاة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
والأخطاء قد تحدث من الجميع؛ لكن يلاحظ أن من عليهم سيما الصلاح والتقى يحملون أكثر من ذلك، بحيث تنسب أخطاؤهم إلى الدين مباشرة، ونسبتها إلى الدين خطأ، فكل إنسان مسئول عن نفسه، لكن ينبغي للإنسان أن يقدم السورة المثلى لأهل الإسلام، والله تعالى يقول: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين:١ - ٣]، والعاقل الذي يعرف الله حقاً يكيل للناس بما يكيل به لنفسه.
السؤال: هناك أمور يجب على المرء أن يراعيها مهما حاول أن يكون حسن الخلق مع الغير، سواء في حديثه أو تعامله، إلا أن هناك ضوابط ينبغي أن يستحضرها دائماً، فنرجو أن تذكرها؟ الجواب: أهمها العلم أن الله ذو حكمة بالغة: إذا علم العبد أن الله ذو حكمة بالغة ارعوى، وساقه هذا العلم إلى أن يتأمل في التعامل مع الناس، فكل قوة إلى ضعف، وحتى الغنى لا يلزم أن يئول إلى فقر، لكن يئول إلى أن تموت وتترك مالك، وبعد لحظة من وفاتك يصير ملكاً شرعياً لغيرك، فاستصحاب.
قبل أيام نشرت الصحف أن بوب دنر هذا مرتزق فرنسي كانت تستخدمه الحكومات الفرنسية السابقة في انقلابات دول وتغيير حكومات وتنقل في كثيراً في دول إفريقيا وبعض الدول الآسيوية، وكان له دور كبير في كثير من الانقلابات التي حصلت، فهو مرتزق مشهور عالمياً وقد توفي مؤخراً.
هذا الرجل استخدمته الحكومات الفرنسية في تغيير عروش وإزالتها مع ذلك أصابه الله جل وعلا قبل أن يموت بمرض الزهايمر الذي يفقد الذاكرة، فصار الناس يحدثونه أنه غير حكومة، فيضحك غير مصدق أنه يسمع هذه المعلومة.
فانظر إلى صنيع الله جل وعلا في خلقه، فهذا كافر لا يفقه ومن حوله عائلة كافرة قد لا تفقه؛ لكن أنت كمسلم عندما تقرأ هذا الخبر في صحيفة ما فاتك تقرؤه بطريقة أخرى ليس كما يقرؤه من لا يرقب لقاء الله.
كل شيء مصيره للزوال غير ربي وصالح الأعمال فإذا علم الإنسان أن الله ذو حكمة بالغة يرعى الله، يقول الله: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء:٩].
أحياناً يكون المرء عند رجل يعاين الموت وعنده أطفال فيأتيه إنسان أحياناً يقول له: لو وصيت لفلان، لو وصيت لفلان، يريد أن يذهب ماله، فالله جل وعلا يقول له: قبل أن تتلفظ بالمشورة، لهذا الرجل تذكر أبناءك لو تركتهم وهم ذرية ضعفاء كيف سيصبح حالك؟ الأمر الثاني: حفظ اللسان لأن الإنسان العاقل يرى وصف النبي صلى الله عليه وسلم أو وصف القرآن من قبل لأهل الفسق والفجور فيحاول -بل يجب عليه- أن يسعى إلى البعد عنهم، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال في المنافق: (وإذا خاصم فجر)، فالمسلم في تعامله يجب أن يحفظ لسانه قدر الإمكان.
نعم، كلنا نغضب ويقع منا الخطأ ولسنا معصومين: فإنا لم نوق النقص حتى نطالب بالكمال الآخرينا لكن يبقي على الإنسان ألا يستمر في كلامه، فإذا غضب في مجلسه مع أصدقائه أو أقرانه أو أولاده أو بناته فليخرج حتى لا يتلفظ بكلمات يبقى لها أثر سيء في القلب، ويحاول قدر الإمكان أن يحفظ لسانه؛ لأن الكلمة إذا خرجت حاكمتك، أما إن لم تخرج كنت أنت الحاكم عليها.
الأمر الثالث: ألا يحتقر أخاه المسلم: وهذا من الضوابط المهمة، قال صلى الله عليه وسلم: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم).
من طرائق الاحتقار ألا يقول الإنسان لفلان أنت كذا، لكن يحاول أن يبين نقصه أمام الناس، وأسوأ ذلك أن يقع بين الزوجين، فالزوج الذي يحاول أن يعيب امرأته أمام أبنائها وبناتها ليس رجلاً شهماً، وليست امرأة تصلح لأن تكون زوجة تلك التي تحاول أن تنتقص زوجها أمام أبنائه وبناته، فإذا رأت أن الأبناء والبنات يجلون أباهم تحاول أن تنتقصه أمامهم، وقد يكون هناك زوج إذا رأى أن الأبناء والبنات يحبون أمهم ويتعلقون بها يريد أن ينتقصها أمامهم، أو يحصل هذا مع بعض القرابة ومع بعض المعارف، هذا كله قال عنه صلى الله عليه وسلم في كلمة جامعة مانعة: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم).