المقدم: أيضاً: يا شيخ! من الأسئلة التي وردت في القرآن الكريم الأسئلة عن تلازم الصلاة والزكاة، فنتجاوزهما إلى ما يتعلق بالصبر والصلاة؟ الشيخ: لا مطية في حال السراء إلا الشكر، ولا مطية في حال الضراء إلا الصبر، والإنسان ضعيف لابد له أن يستعين، ولا استعانة حقاً إلا بالله جل وعلا، والاستعانة الحق بالله جل وعلا أرشد الله إليها أن مفتاحها الأعظم هو الصلاة؛ لأن الصلاة تقرب العبد من ربه تبارك وتعالى، والله لما أعطى آل داود ما أعطى قال:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا}[سبأ:١٣]، قال بعض العلماء: إنها لم تخلوا ساعة من نهار إلا وواحد من آل داود قائم يصلي، وهذه منقبة عظيمة، ويحسن بكل أهل بيت ألا يفتروا عن الصلاة والصيام، وأن يحاول الأبناء والبنات أن يعينوا آباءهم وأمهاتهم على الطاعة.
والبيت إذا كان الناس يتداولون فيه الطاعة، فهذا صائم، وهذا قائم، وفي الليل يتناوب أهل البيت فهذا يصلي في أول الليل، وهذا يصلي في آخر الليل، واليوم الأم صائمة، وغداً الوالد صائم، إذا كان البيت على هذا المنوال دل ذلك على قربهم من ربهم تبارك وتعالى.
وأما الصبر فلابد منه، لكن لابد أن يكون الصبر لله تبارك وتعالى؛ رجاء ما عنده، والإنسان ينبغي أن يعلم أنه مهما تعلق بأشياء حوله في الدنيا فالنسيان سهل مع مرور الأيام، يقول أحدهم وإن كان قد لا يحسن الاستشهاد به لكن يبين لك أن الدنيا سهلة، يقول: قد كنت أرحم نفسي من تذكرها واليوم أرحمها من فرط نسيانِ أرقام هاتفكم ما عدت أذكرها وضاع عنوانكم في ألف عنوان فإذا كان هذا في محفل صغير في علاقة ما بين رجل وامرأة، لكن في الحياة عموماً النسيان سهل إذا أردنا، لكننا لا نريد أن تكون مسألة عادة، مسألة تأسي بأقوال الشعراء، نريدها احتساب وطلب الأجر من الله جل وعلا؛ وأن قدر الله ماضٍ ماضٍ صبر الإنسان أم جزع، لكن المؤمن يصبر، وينتظر من الله الفرج، وينتظر من الله جل وعلا المثوبة والأجر، فالله جل وعلا يقول:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر:١٠].
فيجب أن يعلم أن الله جل وعلا لم يجعل الدنيا ثواباً للمؤمن، ولم يجعلها سجناً للكافر، وهذا يدل على حقارتها عند ربها تبارك وتعالى، والله يقول:{وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}[الزخرف:٣٣ - ٣٥].
ويجب أن يعلم كل أحد أن الأمور ثلاثة: الأول: لا يقع، وهو ما لا يكون بالله، والمعنى: ما لا يكون بالله فلا يكون، فشيء لم يكتبه الله، ولم يقدره الله، ولم يعلمه الله فلا يمكن أن يقع.
والأمر الثاني: شيء يكون بالله قدراً، ويكون لغير الله شرعاً، فهذا لا يثبت ولا يدوم، كمن يعمل عملاً لغير الله.
والثالث: وهو الذي يجعله المؤمن بين عينه، فيكون بالله ولله، فهذا وإن ذهب في الدنيا عينه بقي في الآخرة أثره، {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا}[الإنسان:٢٢].