المقدم: يقول الله في بقية الآية: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[المائدة:٥]، بانتشار الإسلام والدعوة في الأمصار والأقطار دخل كثير من الناس في دين الله أفواجاً، يحصل هناك إشكالية فيما يتعلق بزوجة الذي أسلم، أو بالعكس، أي: إذا هي أسلمت بزوجها، فكيف يكون التعامل فيما بينهم في الأسرة، وإذا كان بينهما أبناء كيف يكون التعاون في مثل هذه القضايا؟ الشيخ: قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}[المائدة:٥]، المحصنات هنا بمعنى العفيفات، فلا يجوز الزواج من البغي الزانية لا مسلمة ولا كتابية، إلا المسلمة إذا تابت.
نأتي للمحصنات من الذين أوتوا الكتاب، وهم اليهود والنصارى، ونبين حكمهم وحكم غيرهم.
نأتي إلى أقرب مثال في مستشفى الحرس الوطني وهو قضية فصل التوأمين، كان الرجل كامروني الأصل نصرانياً، ثم أسلم لما رأى حسن المعاملة، فلما أسلم ذهب إلى قومه، وكانت زوجته معه، فرأى ما من الله على ابنيه المتصلين كيف فصلا في دولة مسلمة، وكيف أن ولي أمر المسلمين خادم الحرمين وفقه الله تبنى الأمر، ووجد رعاية أثرت فيه فأسلم.
زوجته لم تسلم في الأول، لكن بلغني أنها أسلمت بعد ذلك، يأتي إشكال الآن ولابد لطالب العلم أن يفقه المسألة: الحالة الأولى: إذا أسلم كافران في لحظة واحدة، يبقى زواجهما على حاله، هذه الحالة الأولى.
الحالة الثانية: إذا أسلم كافر كتابي أو غير كتابي، لكن التي تحته كتابية، مثل حالة هذا الكامروني، فهو أسلم وزوجته لم تسلم، فماذا نقول؟ نقول: يبقى الأمر على حاله، لأن المسلم الأصلي يجوز له أن يتزوج كتابية، فمن باب أولى أن يبقى من تزوج كتابية على حاله.
يعني: لو أن صالحاً أو تركياً أي أحد منا أراد أن يتزوج كتابية فله ذلك بنص القرآن، فإذا جاز هذا للمسلم الأصلي فاستمرار زواج دخل في الإسلام وتحته كتابية من باب أولى، فلا حرج أن يستمر الزواج لأنه يجوز له أن يتزوج كتابية أصلاً، هذه الحالة الثانية.
الحالة الثالثة: لو حصل العكس: فكانت الزوجة كتابية أو كافرة، والزوج كتابي أو كافر، لكن الإسلام جاء من قبل الزوجة، هنا يجب أن تنفصل عنه، وإذا انفصلت عنه تبقى في العدة، فإذا أسلم وهي في العدة فهل يستمر الزواج أو يحتاج إلى عقد جديد، أو تكون مخيرة فيحق لها ألا تقبله حتى لو أسلم؟ بكل قال العلماء، والأرجح عندي أنه إذا أسلم في العدة يبقى الزواج كما كان، لكن ينفسخ الزواج لقول الله تعالى:{لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}[الممتحنة:١٠].
الحالة الرابعة: رجل كتابي أو كافر متزوج كافرة من غير أهل الكتاب، فأسلم هو ولم تسلم زوجته، فينفسخ العقد لقول الله تعالى:{وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[الممتحنة:١٠].