[تعريف الوفاء]
الملقي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
مشاهدي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحباً بكم إلى حلقة جديدة من برنامجكم الشهري القطوف الدانية.
حديثنا في هذه الحلقة بإذن الله تعالى سيكون عن سمة من سمات الخلق الكريم وصفة من صفات النفوس الأبية، صفة اتصف بها الباري عز وجل، ومدح بها خليله إبراهيم وسائر أنبيائه عليهم السلام، كما مدح بها الصالحين من عباده، إذا انتشرت بين الناس ملأت حياتهم صفاء ونقاء وظللتهم بروح المودة والإخاء والمحبة والألفة.
الوفاء كلمة نعد أحرفها وتمتد معانيها لتشمل كل العلاقات والمعاملات مهما تنوعت مشاربها أو اختلفت مآربها، كلمة لها دلالتها العميقة على كرم نفوس أصحابها ونبل مشاعرهم.
فما المراد بالوفاء، ولمن يكون، وما أساليبه وطرقه، وهل يمكن أن يكتسب كغيره من الصفات الحميدة؟ تساؤلات كثيرة أطرحها بين يدي ضيفنا الكريم في هذه الحلقة الكريمة التي أسعد فيها باستضافة فضيلة الشيخ: صالح بن عواد المغامسي، باسمكم جميعاً أرحب بشيخنا، فحياكم اللهم شيخ صالح.
هذه الحلقة سيكون لها طابع خاص بإذن الله عز وجل؛ نظراً لأن الوفاء قريب إلى النفس البشرية الأبية، والنفوس التي تنطوي على شيء من الشيم تحرص على أن تحقق هذه الصفة.
وفي التمهيد لهذه الحلقة نتكلم عن خلق الوفاء! الشيخ: باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه.
نسأل الله التوفيق والإعانة، ثم نقول ابتداء: اللقاء اليوم سيأخذ منحى غير الذي كنا قد تعودناه فيما سلف، وقد تكون المواضيع السابقة مصبوغة بالشرع أكثر؛ لكن الوفاء قضية إنسانية، فأحياناً لا تكون محكومة بالشرع، بمعنى أنها تقع بين المؤمن والكافر، والبر والفاجر، وتقع حتى ما بين الإنسان والحيوان؛ هذه يحسن التنبيه له في أول الأمر.
أما ما ذكرتموه من تعريف الوفاء، فالوفاء خلق متشعب، بمعنى أن له علاقة بأكثر الصفات الحميدة في الإنسان، فيغلب على تعامل الإنسان مع والديه، تعامل الإنسان في بيعه وشرائه، تعامل الإنسان مع أصدقائه وقرناء عمله، تعامل الإنسان مع كل من حوله حتى مع الجبال الصماء والديار البكماء تتعلق بالوفاء، فالوفاء لا يمكن حصر أوديته، لكنه -كما قلتم في المقدمة- كلمة معدودة الحروف متشعبة المعاني تشعباً كبيراً.
لذلك سنحاول في هذا اللقاء أن نؤصل، ثم نحاول أن نذكر مجالات الوفاء، ثم نحاول أن نذكر غير ذلك مما يغلب على الظن أننا نخدم به من يسمعنا ويشاهدنا، لكنه غني بالأدب أكثر مما هو غني بالنصوص الدينية، فنقول: الله جل وعلا جعل الأنفس مختلفة الطبائع مختلفة المشارب، كما أن القبضة التي قبضها الملك الذي رفع القبضة إلى السماء قبضها من الأرض كلها طيبها وخبيثها، كذلك جاء الناس مختلفي المشاعر مختلفي الطبائع، لما قرره الله جل وعلا قدراً وسبق في علمه أن يكون الناس كذلك.