الملقي: ذكرتم أن التماس الأعذار حاجة ملحة في أهل الإنصاف، كيف يكون ذلك والإنسان يعاني مثلاً من ضغطة الموقف، يعني أحياناً ليس للإنسان متسع حتى ينظر هذه النظرة الشمولية ويلتمس هذا العذر؟ الشيخ: التماس الأعذار ينبئ عن علم الإنسان بواقعه، فالإنسان المنصف يعلم، كما أن في حياته الصعود الصوارف منزلة عند غيره، كثير ممن حولها، نحبهم ونجلهم ونودهم، لكن أن نواصلهم، لكن الصوارف حولنا تمنعنا من أن نضرهم، فلأجل ذلك ينبغي على غيرنا كما ينبغي علينا أن يلتمس بعضنا لبعض العذر في حال الإخلال بذلك البر والصلة المطلوبة، فمن الإنصاف أن يكون الإنسان ذا عذر للناس، يعني أن الإنسان إذا كان يعتذر فهو دليل على سلامة قلب، ورحابة صدره، وسمو خلقه وحلمه، ومعناه أن لديه قدرة على أن يعيش مع الخلق.
لكن الذي يعاتب على كل صغيرة وكبيرة ويؤنب عليها ويجعل منها مشكلة كبرى لن يستمر معه أحد، لكن العاقل حتى يكون منصفاً يعلم أنك إذا وثقت بأحد ينبغي أن تسلم بأن له عذراً، ينبغي أن تسلم أنه ليس من المعقول أن نصل بخلطائنا وأصحابنا وأصدقائنا ومشايخنا إلى الذروة ثم عند أدنى خطأ ننزلهم، فكيف رفعناهم في الأصل إذاً؟ لكن يمر معنا كثيراً في قضايا الحديث فلان تجاوز القنطرة، وهذه درجات واختبارات مرة وأمور مضت وانتهت، فإذا حدث زلل أو خلل أو عثرة عذر الشخص، لأننا لو ملكنا الوصول إلى القلب لعلمنا أن له عذراً، وإن كنا لا نعرف ذلك العذر، قال مالك رحمه الله: ما كل الناس يستطيع أن يبيح بعذر.
وأحياناً إنسان يعطي مواعيد لا يستطيع أن ينجزها؛ لأن الإنسان يعطي موعداً قبلها بفترات طويلة، والغيب غيب لا يعلمه إلا الله، ثم تأتي صوارف قادحة لا يستطيع معها الوفاء، وهي كما تأتي على الرجل تأتي على المرأة، فالإنسان العاقل يقبل العذر.
وأنا أسجل هنا كلمة شكر للإخوان في جامع النور في الرياض، فأنا أعطيتهم موعداً إلى الإثنين القادم، لكن وجدت أني لا أستطيع، فلما اعتذرت لهم الليلة قبل البرنامج قبلوا العذر على أن يؤجلوا إن شاء الله تعالى إلى شعبان، فنشكر لهم ذلك، وهذا من دلائل تحليهم بالإنصاف.