المقدم: ننتقل من هذه المباحث الفقهية إلى ما يتعلق بالأدب، والصيد لا شك أنه ورد في أكثر من موضع، فلو ذكرتم شيئاً من ذلك؟ الشيخ: يقولون إن الصيد من شأن الملوك، ونقل عن الملوك والأمراء محبة الصيد، وكان هذا شائعاً في الجاهلية وطرفة بن عبد لما ذكر قضية لهو الفتيان آنذاك ذكر أنه الصيد، كذلك كان امرؤ القيس يبدع في هذا الباب.
الذي يعنينا أنه يمكن أن يقال: إن في حديث: (من اتبع الصيد غفل)، يدل على أن الإنسان يأخذ منه بقدر، والمباحات لا ينبغي المبالغات فيها؛ لكن من الأبيات الشهيرة هنا قول المتنبئ في دالية شهيرة: لكل امرئ من دهره ما تعودا وعادة سيف الدولة الطعن في العدا هو الجد حتى تفضل العين أختها وحتى يكون اليوم لليوم سيداً إلى أن قال: ومن يجعل الضرغام بازاً لصيده تصيده الضرغام فيما تصيدا هذا فقه اجتماعي، أو فقه إداري، ومعناه أن الإنسان لا يجعل من تحته ما هو أقوى منه، المتنبئ أراد أن يقول: أن الإنسان إذا أخذ صقراً فسيصيد الصقر له، وإن أخذ كلباً فإن الكلب سيصيد له؛ لكن لو جاء جاهل وأخذ أسداً يريد أن يصيد له فإن الأسد سيصيده قبل أن يصيد له والعاقل في إدارته وفي حياته كلها يمشي خطوات متوازنة في علاقاته مع الآخرين، وهذا فقه إداري كما قلت ولا أحب الاسترسال فيه حتى لا نفهمه خطأ، لكن أعني أن البيت مليء بالحكمة، ومن القصيدة قوله: ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى وما قتل الأحرار كالعفو عنهم ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا فالصيد كان علماً واسعاً، وهو إلى اليوم مظنة لهو للكبار.