[ذكر بعض أخبار أبي طالب عم النبي]
المقدم: شيخ صالح في اللقاء الماضي كنا قد تحدثنا عن بعض الشخصيات الأدبية، والإخوة على الموقع كان لهم رأي أيضاً أن تكون هذه الحلقة تشتمل على بعض الشخصيات، وبما أنك ذكرت أبا طالب فلنذكر شيئاً من شخصيته من النواحي التاريخية.
الشيخ: أبو طالب أحد أعمام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا مراراً أن النبي صلى الله عليه وسلم له عشرة أعمام، ستة منهم لم يدركوا بعثته، وأربعة أدركوا بعثته عليه الصلاة والسلام، فآمن منهم اثنان: العباس وحمزة، وكفر اثنان ولم يؤمنا: أبو لهب وأبو طالب.
وأبو طالب ينفرد عن أبي لهب بأنه ناصر النبي صلى الله عليه وسلم نصرة عظيمة، وهو من حيث الشعر أول من مدح النبي عليه الصلاة والسلام، فقد مدحه قبل الصحابة فقال: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل والنبي عليه الصلاة والسلام بعد أن هاجر إلى المدينة جاءها في عام جدب، فاستسقى فنزل المطر، فلما ذهب الناس إلى دورهم قال عليه الصلاة والسلام: (لو رأى أبو طالب هذا المنظر لأسره)، ففقه أحد الصحابة مراده فقال: يا رسول الله! كأنك تشير إلى قوله: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة وفواضل قال صلى الله عليه وسلم: نعم.
وأبو طالب له أربعة أبناء: طالب وبه يكنى، وهذا مات كافراً، وله عقيل وجعفر وعلي، وكلهم آمنوا، وعقيل كان على خلاف يسير مع علي فلم يقاتل معه، وعلي معروف أنه أمير المؤمنين، وجعفر بن أبي طالب هو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (أشبهت خلقي وخلقي)، وهو أحد خمسة يشبهون النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: جعفر وقثم والفضل وأبو سفيان بن الحارث والحسن بن علي رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
فـ أبو طالب كان عظيم النصرة للنبي صلى الله عليه وسلم، لكنه مع ذلك أبى إلا أن يموت على دين قومه، فكان يقول: لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحاً بذاك مبينا ويذهب الشيعة الإمامية وبعض المعتزلة إلى أنه مات على الإسلام، لكن الشواهد التي عندنا تدل على أنه مات كافراً، وهو أهون أهل النار عذاباً.
فإن قال قائل: ما وجه خصوصية أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع له، فالأصل في الكفار ألا يشفع لهم، قال الله: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر:٤٨]؟ فنقول: إنه لمقامه ونصرته للنبي صلى الله عليه وسلم استأذن النبي عليه الصلاة والسلام ربه أن يشفع له فشفعه، فهو أهون أهل النار عذاباً؛ لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم له.
يقول المتصل الشيخ حسين الثقفي: أقول للشيخ صالح: مرض الحبيب فزرته فمرضت من خوفي عليه وأتى الحبيب يزورني فشفيت من نظري إليه أيها الأحبة! الحديث وشرحكم للحديث الذي يتلألأ، فهو بدر ينير، وسراج يزهو، وهو عبق يفوح، وعلم يتفجر، وكنوز تنتثر، وصفحات تنتشر، السنة أيها الأحبة هي مرآة النبي، وروعة الرسالة، وهي جمال المنهج، وصفاء المبدأ.
وسأعرض عرضاً سريعاً ولن أطيل عليكم، ولعل الشيخ أن يتوسع فيه.
أيها الأحبة! لضيق الوقت ومراعاة المقام أقول: إن الذي يتمعن في الحديث يجد فيه أساليب كثيرة، ومنها التشبيه، وكذلك التمثيل، والاستفهام للمسائل، وكذلك أيها الأحبة إجابة السائل على عكس سؤاله، ومن أساليبه كذلك اغتنام الفرصة، ومن أساليبه الوسيلة التعليمية، وهذا خاصة ونحن في بداية العام الدراسي الذي سوف يأتي بمشيئة الله نقول لأصحاب التربية وأرباب التعليم الذين يؤمنون بأهمية الوسيلة التعليمية لتثبيت الدرس وتأكيد المعلومة: صحيح أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يمتلك الفلين، ولا الألوان السحرية ولا المائية ولا الخشبية، ولكنه كان يمتلك إصبعاً سحرية يخط به على الثرى، فيرسم بها لوحة ترتسم في القلوب، فلا يخرج منها أبداً عليه الصلاة والسلام.
ومن أساليبه التعليم بالقصة عليه الصلاة والسلام، ولعل الشيخ يعلق على هذه الأساليب، وأشكركم جميعاً، وأسأل الله أن يثيبكم على هذا البرنامج، وأسأل الله بمنه وكرمه أن يجمعنا بالشيخ إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.