للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كغيره من الرسل جاء بالآيات البينات، يعني: الواضحات التي لا تشكل على أحد، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ما من نبي بعثه الله إلا أعطاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، ولولا هذا لكان الناس معذورين، ألا يصدقوا، يعني: لولا الآيات مع الرسل عليهم الصلاة والسلام، لكان الناس لهم عذر ألا يصدقوا، وعليه فيكون قوله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥]، يكون مقيدًا بأنهم أوتوا آياتٍ يؤمن على مثلها البشر، وآيات الأنبياء أنواع كثيرة يجمعها أنها معنوية وحسية، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله فصلًا قيمًا جدًّا جدًّا في آخر كتابه: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ذكر فيه آيات النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: إن آياته نوعان: حسية ومعنوية، والحسية آفاقية وأرضية ووضح توضيحًا كاملًا، وأن من أعظم آياته بل أعظم آياته هذا القرآن، الذي كان آية في وقته وفيما بعده إلى يوم القيامة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: "وإنما الذي أوتيته وحيٌ أوحاه الله إلي -أو كلمة نحوها- فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة" (١) لأن القرآن بقي، وآيات الأنبياء انتهت بحياتهم فقط، ما لبث أقوامهم أن حرفوا الكتب من بعدهم، أهل التوراة وأهل الإنجيل والكتب الأخرى.

* * *


(١) رواه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزول الوحي أول ما نزل، حديث رقم (٤٦٩٦)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس، حديث رقم (١٥٢) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>