أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله، أي: لم ينالوا بها مرادهم، وليس المعنى أن الحرب لم تقم، بل تقوم الحرب وقد قامت بينهم وبين المسلمين في عدة وقائع لكن النتيجة: أن الله يطفئها ولا يحقق لهم ما يريدون من أكل هذه النار لعدوهم.
قوله:{وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا}"يسعون" أي: يلقون فيها الفساد، وعبر بالسعي إشارة إلى مسارعتهم في هذا, ولهذا كان اليهود أفسد أهل الأرض في الأرض لما لهم من الوقائع، ومن أراد أن يطلع على شيء في ذلك فليراجع كتاب:"إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" لابن القيم رحمه الله.
قوله:{وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} لم يقل: ولا يحبهم؛ لإرادة العموم وبيان العلة، فمثلًا: لا يحب المفسدين من اليهود وغير اليهود، أيضًا تفيد أن الله لا يحب هؤلاء لأنهم مفسدون، وهذا أعم، فكل مفسد فإن الله لا يحبه.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: بيان عدوان اليهود وأنهم يصرحون بالعدوان والاعتداء، حتى في حق الخالق عَزَّ وَجَلَّ، لقولهم:{يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}.
الفائدة الثانية: أن اليهود يقرون بصفات الله عَزَّ وَجَلَّ الحقيقية؛ لأنه لا يقال: يد أحد مغلولة إلا لمن له يد، فيكون إقرار اليهود بالصفات الخبرية أحسن من إنكارهم، وإن كان اليهود ليس لهم دين لكن يجب أن يقبل الحق من أي إنسان.
الفائدة الثالثة: الإشارة إلى حرص اليهود على المال، وجه الدلالة: أنهم لم يحملهم على هذا القول إلا الجشع والطمع.