للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائدة الثانية والثلاثون: أن هذا القاتل أصبح من النادمين على قتل أخيه، وعلى عجزه عن مواراة سوأة أخيه، فجمع الندم للأمرين جميعًا.

* * *

° قال الله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (٣٢)} [المائدة: ٣٢].

قوله: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} {مِنْ} هنا: للتعليل، {أَجْلِ}: بمعنى: سبب، أي: من سبب ذلك، والمشار إليه في قوله {ذَلِكَ} أي: ما جرى من قصة ابني آدم، وذلك أن ابن آدم الذي قتل كان هو أول من سن القتل في البشرية، وكان عليه في كل نفس تقتل بغير حق كفل من الوزر، فيكون قتله لهذه النفس كأنما قتل الناس جميعًا؛ لأن وزر نفس مقتولة بغير حق يكون عليه مثلها.

قوله: {كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي: كتابة شرعية على بني إسرائيل، وإسرائيل: هو يعقوب بن إسحاق.

وقوله: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ} هذا القيد قيد لابد منه؛ لأن القتل قد يكون بحق وقد يكون بغير حق. فالقتل قد يكون قتل نفس بنفس، وذلك في القصاص، فإن القصاص قتل بحق، والقصاص ليس على إطلاقه بمعنى: أننا نقتل نفسًا بنفس، بل لا بد من شروط، لثبوت القصاص منها: أن لا يكون القاتل

<<  <  ج: ص:  >  >>