قوله:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} اليهود: هم الذين يَدَّعون أنهم أتباع موسى عليه الصلاة والسلام وسموا بذلك؛ قيل: إنه من قوله تعالى: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ}[الأعراف: ١٥٦] أي: من الَهْودِ وهو الرجوع، وقيل: إنه نسبة إلى أبيهم يهوذا, ولكنها عربت فصارت يهودا، وأيًّا كان فالمراد به: من ينتسبون إلى موسى عليه الصلاة والسلام.
وقوله:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} أولًا: قالوا: {يَدُ اللَّهِ} ولم يقولوا: "يدا" بالألف؛ لأنهم يريدون أن ينقصوا صفة الله عَزَّ وَجَلَّ في ذاتها وفي تصرفاتها، أما في ذاتها فمعلوم أن ذا اليدين أكمل من ذي اليد الواحدة، وأما في تصرفاتها فقولهم إنها:{مَغْلُولَةٌ} أي: محبوسة عن الإنفاق، وذلك أن اليد إما أن تكون مغلولة مضمومة إلى العنق، بحيث لا تنبسط حتى تعطي، وإما أن تكون مبسوطة تعطي، ولهذا قال الله تعالى:{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ}[الإسراء: ٢٩].
وقوله:{يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} أي: محبوسة عن الإنفاق، كما قالوا أيضًا في وصف آخر:{إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ}[آل عمران: ١٨١] , فوصفوا الله مرة بالبخل ومرة بالفقر، عليهم لعنة الله إلى يوم القيامة؛ لأنهم أهل مال وأهل طمع ويريدون أن يغدق الله عليهم