للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

° قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٦٤)} [المائدة: ٦٤].

قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} اليهود: هم الذين يَدَّعون أنهم أتباع موسى عليه الصلاة والسلام وسموا بذلك؛ قيل: إنه من قوله تعالى: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: ١٥٦] أي: من الَهْودِ وهو الرجوع، وقيل: إنه نسبة إلى أبيهم يهوذا, ولكنها عربت فصارت يهودا، وأيًّا كان فالمراد به: من ينتسبون إلى موسى عليه الصلاة والسلام.

وقوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} أولًا: قالوا: {يَدُ اللَّهِ} ولم يقولوا: "يدا" بالألف؛ لأنهم يريدون أن ينقصوا صفة الله عَزَّ وَجَلَّ في ذاتها وفي تصرفاتها، أما في ذاتها فمعلوم أن ذا اليدين أكمل من ذي اليد الواحدة، وأما في تصرفاتها فقولهم إنها: {مَغْلُولَةٌ} أي: محبوسة عن الإنفاق، وذلك أن اليد إما أن تكون مغلولة مضمومة إلى العنق، بحيث لا تنبسط حتى تعطي، وإما أن تكون مبسوطة تعطي، ولهذا قال الله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: ٢٩].

وقوله: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} أي: محبوسة عن الإنفاق، كما قالوا أيضًا في وصف آخر: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ} [آل عمران: ١٨١] , فوصفوا الله مرة بالبخل ومرة بالفقر، عليهم لعنة الله إلى يوم القيامة؛ لأنهم أهل مال وأهل طمع ويريدون أن يغدق الله عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>