للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: لبئس الذي قدمت لهم أنفسهم {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}، يعني: أن سخط الله عليهم بئس ما قدموه لأنفسهم، وإنما قدموا سخط الله لأنفسهم؛ لأنهم فعلوا ما يوجب سخطه، فكأنهم قدموا لأنفسهم سخط الله عليهم.

وقوله: {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} السخط والغضب معناهما متقارب، وهما وصفان ثابتان لله عزّ وجل على وجه الحقيقة، وهما غير الانتقام، وغير إرادة الانتقام، بل هما شيء سابق لإرادة الانتقام، وسابق للانتقام، فالانتقام غير السخط، بل هو نتيجته، والدليل على ذلك: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: ٥٥] آسفونا يعني: أغضبونا، لكن بالنسبة لنا: السخط حال تعتري الإنسان عند وجود ما يثيره من قولٍ أو فعل، وتجد الإنسان ينفعل ويختل تفكيره حتى إنه يفعل ما لا تحمد عقباه، والسخط يكون فيه انتقام من الساخط، وقد يعفو الله عزّ وجل عن المسخوط عليه إذا اقتضت رحمته وحكمته ذلك.

قوله: {وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} فيه نوع من التوكيد وذلك بوجود الضمير، وإلا لو قيل: "لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب خالدون"، لاستقام الكلام، لكن جاءت كلمة "هم" للتوكيد، والخالد: هو الماكث مكثًا طويلًا هذا في الأصل، وقد يراد به المكث الدائم حسب الأدلة والسياق.

[من فوائد الآية الكريمة]

الفائدة الأولى: أن بني إسرائيل قد يتولون الكفار، ممن كُفْرُهُمْ صريح أو خفي، فهم يوالون الكفار والمنافقين -والعياذ بالله- على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان بعضهم مع بعض قد لا يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>