للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

° قال الله عزّ وجل: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٩)} [المائدة: ٣٩].

قوله: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ} "مَنْ": هذه شرطية، وهي عامة تعم السارق وغير السارق، كل إنسان يتوب من بعد ظلمه ويصلح فإن الله يتوب عليه، يدخل فيها السارق من باب أولى، لأنها في سياق الحكم على السارق، فإذا تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه.

والفائدة من ذكر هذه الآية بعد قوله: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] هي أن السارق قد تقطع يده، والحد هنا يكفر ما سبق من ذنب، لكنه في قرارة نفسه يريد أن يسرق إذا سنحت له الفرصة، فهل يتوب الله عليه في هذه الحال؟

الجواب: لا، لأنه لم يتبْ، فلا بد أن يتوب، فلا يقال: إنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من فعل شيئًا من هذه القاذورات وأصيب بها في الدنيا فإنه كفارة له (١)، يعني الحدود كفارة، كما يدل عليه أيضًا قوله تعالى: {جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} [المائدة: ٣٨].

وقوله: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ} "هذا" فيمن تاب من بعد إقامة الحد عليه بالقطع، فالقطع يُكفِّر ما مضى، لكن إذا كان في نية هذا السارق، أنه إذا تسنى له السرقة سرق، فهل يتوب الله عليه؟

الجواب: لا، لأنه لم يتب إلى الله، ومثله من قتل قصاصًا أيضًا، لو كان في قلبه أنه لم يتب من الفعلة التي فعلها، وأنه لو


(١) تقدم ص ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>