تعذيبهم رحمة بالمؤمنين وذلك بأن يروا أعداءهم وهم يعذبون في النار.
قوله:{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} هذا الذي يتفرع عليه الحساب {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ} أي: ما تظهرونه من الأعمال القولية والفعلية، وهل علمها قبل أن تكون أو بعد أن كانت؟ علمها قبل أن تكون وبعد أن كانت، وقوله:{وَمَا تَكْتُمُونَ} أي: ما تخفون في نفوسكم، وتلك الأعمال القلبية، بل أشد من الأعمال القلبية ما يوسوس به القلب، كما قال الله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}[ق: ١٦]، وهذا يعني أن حسابهم على الله عزّ وجل لا على الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: وجوب إبلاغَ الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن "على" ظاهرة في الوجوب في قوله: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ}.
لكن لو قال قائل: ألا يشكل على قولنا: وجوب البلاغ، أن بعض الأئمة يقول: لا أعطي علمي إلا لمن يستحق العلم ولا أبثه إلا في أهله؟
الجواب: إن صح هذا الخبر، فقصده الجلوس للناس لكي يعلمهم، يعني لا يجلس للناس إلا الذين هم يريدون العلم حقيقة، ويسعون لإدراكه.
الفائدة الثانية: أنه ليس على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجبر الناس على أن يهتدوا، ويؤيد هذا آيات كثيرة منها قوله تعالى:{أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[يونس: ٩٩].