قوله:{فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} لا شك أن الرسول عليه الصلاة والسلام يحزن ويأسى إذا لم يقم الناس بأمر الله؛ لأنه رسول يحب ما يحبه الله، ويكره ما يكرهه الله، فهو يأسى حتى إن الله قال له: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (٩٧)} [الحجر: ٩٧] وقال تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣)} [الشعراء: ٣] يعني: مهلكًا نفسك ألا يكونوا مؤمنين، فلا تهتم، أدِّ ما عليك وبلغ الرسالة والباقي على الله {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (٢٦)} [الغاشية: ٢٥ - ٢٦] أي: لا تحزن وتأسف على القوم الكافرين الذين ردوا رسالتك، وهذا لا شك أنه تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام في كونه يحزن إذا لم تُجَبْ رسالته - صلى الله عليه وسلم -.
[من فوائد الآية الكريمة]
الفائدة الأولى: بيان أن اليهود والنصارى ليسوا على شيء، وعلى هذا فإذا زعموا أنهم مؤمنون قلنا لهم: كذبتم لستم على شيء، إلا إذا أقاموا التوراة والإنجيل.
الفائدة الثانية: أنه يجب على الإنسان أن يعلن براءته من هذا الشرك، ويبين أنهم ليسوا على شيء حتى نتبعهم لقوله:{قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ}.